مقدر، تقديره: إذا عرفت مور السماء، وسير الجبال في ذلك اليوم وأردت بيان ما سيقع للمكذّبين فأقول لك ويل، وشدة عذاب. ﴿يَوْمَئِذٍ﴾؛ أي: يوم إذ يقع ذلك المور والسير واقع ﴿لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ بالله ورسوله وباليوم الآخر. وهذا (١) لا ينافي تعذيب غير المكذبين من أهل الكبائر. لأن المعنى: أنَّ الويل والعذاب الشديد خاص بالمكذبين.
١٢ - ثم وصف المكذبين بقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ﴾ أي: في اندفاع وانغماس عجيب في الأباطيل والأكاذيبـ ﴿يَلْعَبُونَ﴾؛ أي: يلهون، ويتشاغلون بكفرهم؛ أي: الذين هم يلعبون، ويلهون، ويتشاكلون في أباطيل، فأفعالهم مثل أفعال الخائض في الماء، فهو لا يدري أين يضع رجله. قال في "فتح الرحمن": الخوض: التخبط في الأباطيل، شبه بخوض الماء، وغوصه.
والمعنى: أنهم يخوضون في أمر محمد - ﷺ - بالتكذيب والاستهزاء. وقيل: يخوضون في أسباب الدنيا، ويعرضون عن الآخرة.
وفي "الروح": قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ﴾ ليس صفة قصد بها تخصيص المكذبين وتمييزهم، وإنما هو للذم كقولك: الشيطان الرجيم.
والمعنى: أي فإذا حدث ما ذكر من مور السماء، وسير الجبال فهلاك يومئذٍ للمكذبين الذين يخوضون في الباطل، ويندفعون فيه، لاهين عن الآخرة، لا يذكرون حسابًا، ولا يخافون عقابًا.
١٣ - والظرف في قوله: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ﴾ إما بدل من ﴿يَوْمَ تَمُورُ﴾ أي: إنّ عذاب ربك لواقع للمكذبين يوم يدعون، ويدفعون ﴿إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ﴾ ويساقون إليها ﴿دَعًّا﴾؛ أي: دفعًا عنيفًا شديدًا بأن تغل أيديهم إلى أعناقهم، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم فيدفعون إلى النار دفعًا عنيفًا على وجوههم وفي أقفيتهم، حتى يردوها. قرأ الجمهور (٢) بفتح الدال وتشديد العين. وقرأ علي، والسلميّ وأبو رجاء، وزيد بن عليّ، وابن السميقع بسكون الدال وتخفيف العين مفتوحة. من الدعاء؛ أي: يدعون إلى النار، أو متعلق بقول مقدر قبل
١٤ - قوله تعالى: ﴿هَذِهِ النَّارُ﴾؛ أي: يقال لهم يوم

(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon