يدعون إلى نار جهنم دعا: هذه النار التي تشاهدونها الآن هي ﴿الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ في الدنيا؛ أي: تكذبون الوحي الناطق بها. والقائل لهم بهذه المقالة هم خزنة النار.
أي: إنَّ عذاب ربك لواقع يوم يدفعون؛ ويساقون إلى نار جهنم دفعا عنيفًا. فإذا دنوا منها تقول لهم خزنتها تقريعًا وتوبيخا: هذه النار التي تشاهدونها هي التي كنتم بها تكذبون في الدنيا. وتكذيبهم بها تكذيب للرسول الذي جاء بخبرها، وللوحي الناطق بها.
١٥ - ثم وبخهم سبحانه أو أمر ملائكته بتوبيخهم، فقال: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا﴾ الذي ترون، وتشاهدون الآن كما كنتم تقولون لرسل الله المرسلة، ولكتبه المنزلة. وقدم الخبر هنا على المبتدأ؛ لأنَّه الذي وقع الاستفهام عنه، وتوجه التوبيخ إليه.
﴿أَمْ أَنْتُمْ﴾ عمي عن هذا ﴿لَا تُبْصِرُونَ﴾ به؛ كما كنتم عميًّا عن الحق في الدنيا. والهمزة في قوله: ﴿أَفَسِحْرٌ﴾ للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف. والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أكنتم تقولون للوحي: هذا سحر؟ فهذا المصداق؛ أي: هذه النار التي ترونها الآن سحر. والمصداق: ما يصدق الشيء، وأحوال الآخرة ومشاهدتها تصدق أقوال الأنبياء في الإخبار عنها. يعني: أنَّ الذي ترونه من عذاب النار حق. ﴿أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ﴾؛ أي: أم أنتم عمي عن المخبر عنه كما كنتم عميًّا عن الخبر، أو أم سدت أبصاركم كما سدت في الدنيا على زعمكم، حيث كنتم تقولون: إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون.
وعبارة زاده: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا﴾؛ أي: هل في المرئي تلبيس وتمويه، حتى قيل لكم: إنه نار، مع كونه ليس بنار في نفس الأمر، أم هل في بصركم خلل. فكلمة "أم" متصلة، والاستفهام للإنكار؛ أي: ليس شيء منهما ثابتًا. فثبت أنكم قد بعثتم وجوزيتم بأعمالكم، وأنَّ الذي ترونه حق. فهو تقريع شديد، وتهكم فظيع.
١٦ - وبعد هذا التقريع يقال لهم: ﴿اصْلَوْهَا﴾ إلخ؛ أي: ادخلوها، وقاسوا حرها وشدائدها ﴿فَاصْبِرُوا﴾ عليها إن شئتم ﴿أَوْ لَا تَصْبِرُوا﴾ إن شئتم؛ أي: ادخلوها فافعلوا ما شئتم من الصبر وعدمه. فإنه لا خلاص لكم منها. وهذا على جهة قطع رجائهم.
وكان المشركون في الدنيا ينسبون إلى محمد - ﷺ - أنه يسحر العقول، ويغطي