﴿وَلَا مَجْنُونٍ﴾ وهو من به جنون. وهر زوال العقل أو فساده. وفي "المفردات": الجنون: الحائل بين النفس والعقل. وفي "التعريفات": الجنون: اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج العقل إلا نادرًا.
﴿نَتَرَبَّصُ﴾ التربص: الانتظار بالشيء من انقلاب حال له إلى خلافها. ﴿رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ الريب: ما يقلق النفوس؛ أي: يورث قلقًا واضطرابًا لها من حوادث الدهر، وتقلبات الزمان. فهو بمعنى الرائب من قولهم: رابه الدهر، وأرابه إذا: أقلقه. والمنون: الدهر، والموت، والكثير الامتنان كالمنونة. وسمَّاه ريبًا لا من حيث إنه مشكك في كونه، بل من حيث إنه يشكك في وقت حصوله. فالإنسان أبدًا في ريب المنون من جهة وقته، لا من جهة كونه. وعلى هذا قال الشاعر:

النَّاسُ قَدْ عَلِمُوا أَنْ لَا بَقَاءَ لَهُمْ لَوْ أَنَّهُمْ عَمِلُوا مِقْدَارَ مَا عَلِمُوا
وهو في الأصل فعول، من منه إذا: قطعه؛ لأنّ الدهر يقطع القويَّ، والموت يقطع الأماني والعمر.
﴿قُلْ تَرَبَّصُوا﴾ قال الراغب: التربص: انتظار الشخص سلعة كان يقصد بها غلاء، أو رخصًا، أو أمرًا ينتظر زواله، أو حصوله. انتهى. ﴿أَحْلَامُهُمْ﴾؛ أي: عقولهم. وفي "القاموس": الحلم بالضم وبضمتين: الرؤيا. والجمع أحلام. والحلم بالكسر: الأناة والعقل، والجمع أحلام وحلوم. ومنه: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ﴾ وهو حليم، والجمع حلماء وأحلام، انتهى.
﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾ والتقول: تكلف القول، ولا يستعمل إلا في الكذب. ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾ أصله: يأتيون بوزن يفعلون بكسر العين، حذفت منه نون الرفع لدخول لام الأمر، ثمّ استنقلت الضمة على الياء فحذفت، فلمّا سكنت التقى ساكنان، فحذفت الياء وضمت التاء لمناسبة الواو.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإلتزام في قوله: ﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)﴾ فإنّه قد جاءت


الصفحة التالية
Icon