عقاص شعرها، فأحضر رسول الله - ﷺ - حاطبًا وقال له: ما حملك عليه؟ فقال: يا رسول الله! لا تعجل عليَّ، ما كنتُ كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ نصحتك، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكني كنت امرأً ملصقًا في قريش ولم أكن من أنفسها، وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهلهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني. فصدقه رسول الله - ﷺ - وقبل عذره. فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال - ﷺ -: إنه شهد بدرًا، وما يدريك؟ لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ...﴾ الآيات.
قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ...﴾ الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: أتتني أمي راغبة، فسألت النبي - ﷺ -: أَأَصِلها. قال: "نعم". فأنزل الله سبحانه فيها: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾.
وأخرج أحمد والبزار والحاكم، وصححه عن عبد الله بن الزبير قال: قدمت قُتيلة - مصغرًا - بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا، وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية، فقدمت بهدايا صنابٍ - صباغ يتخذ من الخردل أو الزبيب وأقط وسمن - وهي مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخل بيتها حتى أرسلت إلى عائشة أن تسأل رسول الله - ﷺ - عن هذا، فسألت، فأنزل الله: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ...﴾ الآية، فأمرها أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها.
وقال الحسن وأبو صالح: نزلت الآية في خزاعة، وبني الحارث بن كعب، وكنانة، ومزينة، وقبائل من العرب كانوا صالحوا رسول الله - ﷺ - على ألا يقاتلوه ولا يعينوا عليه.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله ﴿لَا تَتَّخِذُوا﴾؛ أي: لا تجعلوا ﴿عَدُوِّي﴾ في الدين، مفعول أول، ﴿وَعَدُوَّكُمْ﴾ في القتل، معطوف عليه، ﴿أَوْلِيَاءَ﴾؛ أي: