الإيمان. قيل: إنه من أرادت إضرار زوجها.. قالت سأهاجر إلى محمد - ﷺ -، فلذلك أمر النبي - ﷺ - بامتحانهن. وقرىء: ﴿مهاجرات﴾ بالرفع على البدل من المؤمنات، ذكره في "البحر".
وقد اختلف فيما كان يمتحن به (١):
فقيل: يستحلفن بالله ما خرجن من بغض زوج، ولا رغبة من أرض إلى أرض، ولا لالتماس دنيا، بل حبًا لله ولرسوله ورغبة في دينه. وكان رسول الله - ﷺ - يقول للممتحنة: بالله الذي لا إله إلا هو ما خرجت من بغض زوج، بالله ما خرجت رغبة من أرض إلى أرض، بالله ما خرجت التماس دنيا، بالله ما خرجت إلا حبًا لله ولرسوله ورغبة في الإِسلام، بالله ما خرجت عشقًا لرجل من المسلمين؟ فإذا حلفت كذلك.. أعطى النبي - ﷺ - زوجها مهرها وما أنفق عليها، ولا يردها على زوجها.
وقيل: الامتحان: هو أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
وقيل: ما كان الامتحان إلا بأن يتلو عليهن رسول الله - ﷺ - الآية، وهي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ﴾ إلى آخرها.
واختلف العلماء: هل دخل النساء في عهد الهدنة أم لا، على قولين فعلى القول بالدخول تكون هذه الآية مخصصة لذلك العهد، وبه قال الأكثر، وعلى القول بعدمه لا نسخ ولا تخصيص.
والمعنى (٢): أي إذا جاءكم - أيها المؤمنون - النساء اللاتي نطقن بالشهادة، ولم يظهر منهن ما يخالف ذلك، مهاجرات من بين الكفار.. فاختبروا حالهن، وانظروا هل توافق قلوبهن ألسنتهن، أو هن منافقات؟
ثم ذكر جملة معترضة بين ما قبلها وما بعدها ليتبين أن الامتحان يفيد معرفة الظاهر فحسب، فقال: ﴿اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿أَعْلَمُ﴾ منكم ﴿بِإِيمَانِهِنَّ﴾؛ لأنه المطلع على ما في قلوبهن، فلا حاجة له إلى الامتحان، وليس ذلك للبشر فيحتاج إليه. وفي هذا بيان أنه لا سبيل إلى الإحاطة بحقيقة إيمانهن، فإن ذلك مما استأثر الله

(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon