فذهب أكثرهم إلى أنه لا كفارة عليه، فيستغفر.
وذهب قوم إلى وجوب الكفارة عليه. انتهى.
وقال - ﷺ -: "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه". وقيل لابن عباس - رضي الله عنهما -: ما شأن البهيمة؟ قال: ما سمعت فيها من رسول الله شيئًا، ولكن أكره أن يحل لحمها وينتفع بها كذلك. ولعل إسناد الفعل إليها باعتبار تمكينها للزاني ومطاعتها له.
﴿وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ بأي سبب. وأريد به هنا: ما تفعله الجاهلية من وأد البنات؛ أي: دفنهن أحياء خوف العار والفقر. وقال - ﷺ -: "لا تنزع الرحمة إلا من شقي". ولعل (١) إسناد الفعل إلى النساء إما باعتبار الرضا به أو بمباشرته بأمر زوجها. وقيل: معناه: ولا يشربن دواء فيسقطن حملهن كما في "تفسير أبي الليث". وفي "نصاب الاحتساب": تمنع القابلة من المعالجة لإسقاط الولد بعدما استبان خلقه ونفخ فيه الروح. ومدة الاستبانة والنفخ مقدرة بمئة وعشرين يومًا، وأما قبله.. فقيل: لا بأس به كالعزل، وقيل: يكره؛ لأن مآل الماء الحياة، كما إذا أتلف مُحرم بيضة صيد الحرم.. ضمن؛ لأن مآلها الحياة، فلها حكم الصيد، بخلاف العزل؛ لأن ماء الرجل لا ينفخ فيه الروح إلا بعد صنع آخر، وهو الإلقاء في الرحم، فلا يكون مآله الحياة. وقرأ علي والحسن والسلمي: ﴿ولا يُقَتِّلْنَ﴾ مشددًا.
﴿وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ﴾ وكذب ﴿يَفْتَرِينَهُ﴾؛ أي: يختلقنه ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ﴾؛ أي: بسبب صبي ملتقط من غير أزواجهن يحملنه بين أيديهن وأرجلهن؛ أي: ولا يلحقن بأزواجهن ولدًا ليس منهم. والباء للتعدية. والبهتان: الكذب الذي يبهت المكذوب عليه؛ أي: يدهشه ويجعله متحيرًا، فيكون أقبح أنواع الكذب. والافتراء: الاختلاق، وقوله: ﴿يَفْتَرِينَهُ﴾ إما في موضع جر على أنه صفة لبهتان، أو نصب على أنه حال من فاعل ﴿يَأْتِينَ﴾، وقوله: ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ﴾ متعلق بمحذوف هو حال من الضمير المنصوب في ﴿يَفْتَرِينَهُ﴾؛ أي: يختلقنه، مقدرًا وجوده بين أيديهن وأرجلهن، على أن يكون المراد، بالبهتان: الولد المبهوت به، كما ذهب إليه جمهور

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon