﴿لَا تَتَوَلَّوْا﴾ أصله: تتوليون، حذفت منه نون الرفع لدخول أداة الجزم ﴿لَا﴾ الناهية، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، فوزنه: تتفعوا. ﴿قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ اليأس: انقطاع الطمع ﴿مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ والقبور: جمع قبر، والقبر: مقر الميت، والمقبرة: موضع القبور.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الجملة الاعتراضية في قوله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾ الإشارة إلى أن للإنسان الظاهر، والله يتولى السرائر.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ﴾؛ لأنه استعار العلم للظن الغالب بالحلف وظهور الأمارات. وسماه علمًا إيذانًا بأنه جار مجرى العلم في وجوب العمل به.
ومنها: العكس والتبديل في قوله: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾. وهو من المحسنات البديعية، وفيه التكرير أيضًا إما لتأكيد الحرمة، وإلا فيكفي نفي الحل من أحد الجانبين، وإما لأن الأول لبيان زوال النكاح الأول، والثاني لبيان امتناع النكاح الجديد، كما مر.
ومنها: المقابلة في قوله: ﴿وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا﴾.
ومنها: المجاز في قوله: ﴿وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا﴾؛ لأنه مجاز عن أمر المؤمنين بالأداء من قبيل إطلاق الملزوم وإرادة اللازم، كما في قوله تعالى: ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ فإنه بمعنى: واغلظوا عليهم.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾.
ومنها: إيقاع شيء موقع أحد في قوله: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ للتحقير والإشباع في التعميم؛ لأن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم، كما مر.
ومنها: الاستعارة بالكناية في قوله: ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾. شبه ما حكم به على المسلمين والكافرين من أداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة وأداء أولئك مهور نساء هؤلاء


الصفحة التالية
Icon