وحافظوا على ما شرع لكم من الحدود، ولا تخلوا بشيء منها.
٤ - ثم ذكر سبحانه حكم العاجز عن التكفير بالإعتاق، فقال: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾؛ أي (١): فالمُظاهر الذي لم يجد الرقبة في ملكه وعجز عن قيمتها فاضلًا عمّا لا بدّ له منه من مسكن وثياب وقوت، والذي غاب ماله.. فهو واجد بأن كان فقيرًا وقت التكفير، وهو من حين العزم إلى أن تقرب الشمس من الغروب من اليوم الأخير مما صام فيه من الشهرين، فلا يتحقق العجز الحقيقي إلا بذلك.
﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾؛ أي: فعليه صيام شهرين ﴿مُتَتَابِعَيْنِ﴾؛ أي: متواليين ليس فيهما رمضان ولا الأيام الخمسة المحرم صومها؛ أي: يوما العيد وأيام التشريق الثلاثة فيصومهما بحيث لا يفصل يومًا عن يوم ولا شرًا عن شهر بالإفطار، فإن أفطر فيهما يومًا أو أكثر بعذر أو بغير عذر.. استأنف، ولم يحسب ما صام إلا بالحيض، كما سيأتي قال الشافعي ومالك وغيرهما: إن أفطر بعذر كمرض وسفر.. لا يستأنف بل يبني على ما صام؛ أي: فعليه صيام شهرين متتابعين ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾؛ أي: من قبل أن يتجامع المظاهِر والمظاهَر منها، ليلًا أو نهارًا، عمدًا أو خطأ. ولو جامع زوجةً أخرى ناسيًا.. لا يستأنف، ولو أفطرت المرأة للحيض في كفّارة القتل أو الفطر في رمضان.. لا تستأنف، لكنها تصل صومها بأيام الحيض. وقال الشافعي: ولو وطىء ليلًا.. لا يستأنف؛ لأنه ليس محلًا للصوم. والأول أولى (٢). ثم إنه إن صام بالأهلة.. أجزأه، وإن صام ثمانية وخمسين؛ بأن كان كل من الشهرين ناقصًا، وإن صامها بغيرها.. فلا بد من ستين يومًا، حتى لو أفطر صبيحة تسعة وخمسين.. وجب عليه الاستئناف.
والمعنى: أي فمن لم يجد رقبة، ولا ثمنها فاضلًا عن قدر كفايته.. فالواجب عليه صيام شهرين متتابعين من قبل التماس، فإن أفطر يومًا من الشهرين ولو اليوم الأخير ولو بعذر مرض أو سفر.. لزمه الاستئناف بصوم جديد لزوال التتابع.
﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ﴾ صيام شهرين متتابعين بسبب من الأسباب (٣)، كالهرم، والمرض المزمن؛ أي: الممتد الغير المرجو برؤه.. فإنه بمنزلة العاجز من كبر
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.