الأعراب إذا جلبوا الخيل والإبل، والغنم وبضائع الأعرابِ.. نزلوا البطحاء، فإذا سمع ذلك من يقعد للخطبة.. قاموا للهو والتجارة وتركوه قائمًا. فعاتب المؤمنين لنبيه - ﷺ - فقال: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾.
وإنما نقلته من "الدر المنثور" لأن فيه الجمع بين السببين، ولأن عبارته أوضح من عبارة غيره كالطبري.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ﴾ سبحانه وتعالى؛ أي: ينزهه تعالى عن كل النقائص، ويذكره بلسان المقال وبلسان الحال بأنواع الذكر، من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ جميعًا، من حي وجامد، تسبيحات مستمرة لا تنقطع، أداء لحقّ الألوهية وقيامًا بحق الربوبية. فما في السماوات هي البدائع العلوية، وما في الأرض هي الكوائن السفلية، فلكل نسبة إلى الله تعالى بالحياة والتسبيح.
أي (١): كل ما في السماوات والأرض إذا نظرت إليه.. دلت على وحدانية خالقه وعظيم قدرته، كما قال سبحانه: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾.
﴿الْمَلِكِ﴾؛ أي: المالك لما في السماوات والأرض، المتصرف فيهما بقدرته وحكمته. ﴿الْقُدُّوسِ﴾؛ أي: المنزه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله، من شريك وولد وصاحبة. ﴿الْعَزِيزِ﴾؛ أي: الغالب في ملكه بالنقمة لمن لا يؤمن به، أو الغالب على عباده المسخر لهم بقدرته على ما يشاء. ﴿الْحَكِيمِ﴾ في تدبير شؤونهم فيما هو أعلم به من مصالحهم الموصلة إلى سعادتم في معاشهم ومعادهم.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿الْمَلِكِ﴾ وما بعده من الصفات بالجر، على أنها نعت للجلالة، وقيل: على البدل، والأول أولى. وقرأ أبو وائل، ومسلمة بن محارب، ورؤبة، وأبو العالية، ونصر بن عاصم، وأبو الدينار الأعرابي بالرفع على أنه خبر مبتدأ تقديره: هو، وحسنه الفصل الذي فيه طول بين الموصوف والصفة، وكذلك جاء عن يعقوب. وقرأ أبو الدينار، وزيد بن علي: ﴿القدوس﴾ بفتح القاف،
(٢) البحر المحيط.