تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨)}.
٢ - أنه يطهرهم من أدناس الشرك وأخلاق الجاهلية، ويجعلهم منيبين إلى الله مخبتين له في أعمالهم وأقوالهم، لا يخضعون لسلطة مخلوق غيره من ملك أو بشر أو حجر.
٣ - أنه يعلمهم الشرائع والأحكام وحكمتها وأسرارها، فلا يتلقون عنه شيئًا إلا وهم يعلمون الغاية منه والغرض الذي يفعله لأجله، فيقبلون إليه بشوق واطمئنان، وقد تقدم مثل هذا في سورة آل عمران: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. ذاك أن العرب قديمًا كانوا على دين إبراهيم فبدلوا وغيروا واستبدلوا بالتوحيد شركًا وباليقين شكًا، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله تعالى، فكان من الحكمة أن يبعث سبحانه محمدًا - ﷺ - بشرع عظيم، فيه هداية للبشر، وبيان ما هم في حاجة إليه من أمور معاشهم ومعادهم، ودعوتهم إلى ما فيه رضوان ربهم، والتمتع بنعيم جناته، ونهيهم عما يوجب سخطه ويقربهم إلى النار.
٣ - ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ جمع (١) آخر، بمعنى غير، وهو معطوف على ﴿الْأُمِّيِّينَ﴾؛ أي: بعثه في الأميين الذين في عهده وفي آخرين من الأميين. أو على المنصوب في ﴿يعلمهم﴾؛ أي: يعلمهم ويعلم آخرين منهم، أو في ﴿يزكيهم﴾؛ أي: يزكيهم ويزكي آخرين منهم. وهم الذين جاؤوا من العرب، فـ ﴿مِنْهُمْ﴾ متعلق بالصفة لآخرين؛ أي: وآخرين كائنين منهم مثلهم في العربية والأمية. وإن كان المراد العجم.. فـ ﴿مِنْهُمْ﴾ يكون متعلقًا بـ ﴿آخَرِينَ﴾؛ أي: ويعلم أقوامًا مغايرين لهم؛ أي: للعرب، وهم العجم.
وقوله تعالى: ﴿لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ صفة لآخرين؛ أي: لم يلحقوا بالأميين بعد ولم يكونوا في زمانهم، وسيلحقون بهم، ويكونون بعدهم عربًا وعجمًا. وذلك أن منفيَّ (لمَّا) لا بدَّ أن يكون مستمر النفي إلى الحال، وأن يكون متوقع الثبوت بخلاف منفي (لَمْ) فإنه يحتمل الاتصال، نحو: ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾، والانقطاع مثل: ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾. ولهذا: جاز لم يكن ثم كان، ولم يجز لما