روي: أنه - ﷺ - خطب، فقال: "إن الله افترض عليكم الجمعة في يومي هذا وفي مقامي هذا، فمن تركها في حياتي وبعد مماتي وله إمام عادل أو جاثر من غير عذر.. فلا بارك الله له، ولا جمع شمله، ألا فلا حجّ له، ألا فلا صوم له، ومن تاب.. تاب الله عليه".
ومعنى الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾؛ أي: إذا (١) أذّن المؤذن بين يدي الإِمام وهو على المنبر في يوم الجمعة للصلاة. فاتركوا البيع واسعوا إلى موضع الجمعة، واذهبوا إليه لتسمعوا موعظة الإِمام في خطبته، وعليكم أن تمشوا الهوينى، بسكينة ووقار حتى تصلوا إلى المسجد.
روى الشيخان عن أبي هريرة: أن النبي - ﷺ - قال: "إذا أقيمت الصلاة.. فلا تأتوها وأنتم تسعون - تسرعون - وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم.. فصلوا وما فاتكم.. فأتموا".
وعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي - ﷺ - إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: "ما شأنكم"؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: فلا تفعلوا، إذا أتيتم فامشوا، وعليكم السكينة، فما أدركتم.. فصلوا وما فاتكم.. فأتموا". رواه البخاري ومسلم.
ذالكم السعي وترك البيع خير لكم من التشاغل بالبيع وابتغاء النفع الدنيوي، فإن منافع الآخرة خير لكم وأبقى، فهي المنافع الباقية. وأما منافع الدنيا: فهي زائلة. وما عند الله خير لكم إن كنتم من ذوي العلم الصحيح بما يضر وما ينفع.
١٠ - ثم ذكر ما يفعلون بعد الصلاة، فقال: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ﴾ التي نوديتم لها أي: أديت وفرغ منها ﴿فَانْتَشِرُوا﴾؛ أي: تفرقوا ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ لإقامة مصالحكم والتصرف في حوائجكم بأن يذهب كل منكم إلى موضع فيه حاجة من الحوائج المشروعة التي لا بدّ من تحصيلها للمعيشة، من التجارة والصناعة والزراعة.
فإن قلت (٢): ما معنى هذا الأمر، فإنه لو لبث في المسجد إلى الليل يجوز، بل هو مستحبّ؟.

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon