أعرض. ﴿جُنَّةً﴾؛ أي: وقاية وترسًا عما يتوجه إليهم من المؤاخذة بالقتل والسبي. وأصل الجن: ستر الشيء عن الحاسة، يقال: جنه اللحل، وأجنه، والجنان - بالفتح -: القلب لكونه مستورًا عن الحاسة، والمجن والجنة: الترس الذي يجن صاحبه، والجنة بالفتح: كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض. ﴿سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ساء هذه هي الجارية مجرى بئس في إفادة الذم، ومع ذلك ففيها معنى التعجب وتعظيم أمرهم عند السامعين: كما في "أبي السعود".
﴿فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ من الطبع، والطبع: أن يصور الشيء بصورة ما، كطبع السكة وطبع الدراهم. وهو أعم من الختم وأخص من النقش، كما في "المفردات"؛ أي: ختم على قلوبهم كما يختم بالطابع على ما يراد حفظه حتى لا يؤخذ منه شيء. ﴿تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾؛ أي: لصباحتها وتناسب أعضائها، أصله من العجب، والشيء العجيب هو الذي يعظم في النفس أمره لغرابته. والتعجب: حيرة تعرض للنفس بواسطة ما يتعجب منه. ﴿خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ والخشب بضمتين: جمع خشبة، كأكم وأكمة، أو جمع خشب محركة، كأسد وأسد. وهو ما غلظ من العيدان. والإسناد: الإمالة، والتعبير بـ ﴿مسندة﴾ للتكثير؛ فإن التسنيد تكثير الإسناد بكثرة المَحَالِّ؛ أي: كأنها أسندت إلى مواضع. ﴿كُلَّ صَيْحَةٍ﴾ والصيحة: رفع الصوت. وفي "القاموس": الصيحة. الصوت بأقصى الطاقة. ﴿يُؤْفَكُونَ﴾: من الأفك بفتج الهمزة، بمعنى الصرف عن الشيء؛ لأن الإفك بالكسر بمعنى الكذب. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا﴾: أصله تعاليوا، فأعل بالقلب والحذف، إلا أن واحد الماضي: تعالى، بإثبات الألف المقلوبة عن الياء المقلوبة عن الواو الواقعة رابعة، وواحد الأمر: تعال، بحذفها وقفًا وفتح اللام. وأصل معنى التعالي: الارتفاع، فإذا أمرت منه قلت: تعال وتعالوا، فتعالوا جمع أمر الحاضر في صورة الماضي، ومعناه: ارتفعوا، فيقوله من كان في مكان عال لمن هو أسفل منه، ثم كثر واتسع فيه حتى استعمل في كل داع يطلب المجيء في المفرد وغيره، لما فيه من حسن الأدب؛ أي: هلموا وأتوا. ومن الأدب أن لا يقال: تعال فلان، أو تعاليت يا فلان، أو أنا متعال، أو فلان متعال، بأي معنى أريد؛ لأنه مما اشتهر به الله سبحانه، فتعالى الله الملك الحق علوًا كبيرًا.
﴿لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ يقال: لوى الرجل رأسه، أماله، والتشديد للتكثير لكثرة


الصفحة التالية
Icon