تدخل فجزم الفعل على الأصل، وأصله: وأكون، فلما جزم الفعل.. صار أكون، فاجتمع ساكنان فحذفت الواو، حكاه سيبويه عن الخليل.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: تأكيد المنافقين كلامهم بـ ﴿إنَّ﴾، و ﴿اللام﴾: في قوله: ﴿قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ للإيذان بأن شهادتهم هذه صادرة عن صميم قلوبهم وخلوص اعتقادهم كما مر.
ومنها: التأكيد بالقسم، و ﴿إنَّ﴾ و ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ زيادة في التقرير والبيان.
ومنها: الجملة الاعتراضية في قوله ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾. جاءت معترضة بين الشرط وجوابه؛ لبيان أنهم ما قالوا ذلك عن اعتقاد، ولدفع توهم تكذيبهم في دعواهم الشهادة بالرسالة. والأصل: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)﴾. فجاءت الجملة الاعتراضية تقريرًا لمنطوق كلامهم لكونه مطابقًا للواقع.
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ لغرض ذمهم والإشعار بعلية الحكم، وكان الظاهر أو يقال: إنهم لكاذبون، لسبق المرجع.
ومنها: إطلاق الشهادة التي هي الإخبار عن حق على زورهم مجازًا، كإطلاق البيع على الفاسد.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ﴾، لأن اليمين حقيقة في الجارحة، فاستعير للحلف اعتبارًا بما يفعله المحالف عنده من المصافحة.
ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: ﴿جُنَّةً﴾ لأن الجنّة حقيقة فيما يستتر به ويتقى به من المحذور كالترس، ثم استعير لما يجعلونه وقاية لدمائهم


الصفحة التالية
Icon