بالأمر وعدمه ﴿خَبِيرٌ﴾ فمجازيكم عليه، فلا تخفى عليه أعمالكم، وسيحاسبكم على ما كسبن أيديكم من خير أو اكتسبت من شر، فراقبوه وخافوا شديد عقابه.
٩ - والظرف (١) في قوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ﴾ متعلق بقوله: ﴿لَتُنَبَّؤُنَّ﴾ قاله النحاس. وقال غيره: العامل فيه ﴿خَبِيرٌ﴾. وقيل: العامل فيه محذوف، تقديره: اذكر. وقال أبو البقاء: العامل فيه ما دل عليه الكلام؛ أي: تتفاوتون يوم يجمعكم.
وقرأ الجمهور: ﴿يَجْمَعُكُمْ﴾ بفتح الياء وضم العين. وروي عن أبي عمرو إسكانها، ولا وجه لذلك إلا التخفيف وإن لم يكن هذا موضعًا له. وقرأ زيد بن علي، والشعبي، ويعقوب، ونصر، وابن أبي إسحاق، والجحدري ﴿نجمعكم﴾ بالنون.
و ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ بمعنى في الظرفية، أو بمعنى اللام التعليلية؛ أي: واذكروا يوم يجمعكم الله سبحانه في يوم الجمع، وهو يوم القيامة، يجمع فيه الأولون والآخرون، من الجن والإنس، وأهل السماء وأهل الأرض. أو يجمع فيه الأولين والآخرين لأجل ما فيه من الحساب والجزاء.
﴿ذَلِكَ﴾ اليوم ﴿يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾؛ أي (٢): يوم ظهور غبن كل كافر بترك الإيمان وغبن كل مؤمن بتقصيره في الطاعات. وفي الحديث: "ما من عبد يدخل الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء؛ ليزداد شكرًا، وما من عبد يدخل النار إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن، ليزداد حسرة". أو المعنى (٣): يوم يغبن فيه أهل الجنة أهل النار بأخذهم منازلهم التي كانت لهم في الجنة لو آمنوا، وبغبن فيه من ارتفعت منزلته في الجنة من كان دون منزلته، فيظهر في ذلك اليوم غبن كل كافر بتركه الإيمان، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان. والتغابن: تفاعل، من الغبن، وهو: أن تخسر صاحبك في معاملة بينك وبينه، بضرب من الإخفاء والتدليس. والتغابن: أن يغبن بعضهم بعضًا، ويوم القيامة يوم غبن بعض الناس بعضًا، بنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء، وبالعكس. وفيه تهكم؛ لأن نزول الأشقياء منازل السعداء من النار لو كانوا أشقياء ليس غبنًا.
(٢) المراح.
(٣) الواحدي.