ذكر مثل ما هنا في سورة الطلاق، لكن زاد هنا: ﴿يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ﴾؛ لأن ما هنا تقدمه ﴿أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ الآيات، وأخبر فيها عن الكفار سيئات تحتاج إلى تكفير، فناب ذكر ﴿يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ﴾ بخلاف ما في الطلاق لم يتقدمه شيء من ذلك.
وقرأ الجمهور ﴿يُكَفِّرْ﴾ ﴿وَيُدْخِلْهُ﴾ بالتحتية. وقرأ نافع، وابن عامر، والأعرج، وشيبة، وأبو جعفر وطلحة، والمفضل عن عاصم، وزيد بن علي، والحسن بخلاف عنه: ﴿نكفر﴾ و ﴿ندخله﴾ بالنون فيهما.
والمعنى (١): ومن يصدق بالله ويعمل بطاعته وينته إلى أمره ونهيه.. يمح عنه ذنوبه ويدخله جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار لابثين فيها أبدًا، لا يموتون ولا يخرجون منها، وذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده؛ لانطوائه على النجاة من أعظم المهالك وأجل المخاطر.
١٠ - وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ تصريح بما علم التزامًا. والمراد بالآيات: إما القرآن أو المعجزات، فإن كلًّا منهما آية لصدق الرسول. ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾؛ أي: أهل النار، إما بمعنى مصاحبوها لخلودهم فيها، أو مالكوها تنزيلًا لهم منزلة الملاك للتهكم. حال كونهم ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾؛ أي: أبدًا، بقرينة المقابلة ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾؛ أي: المرجع. والمخصوص بالذم: النار، كأن هاتين الآيتين الكريمتين بيان لكيفية التغابن، وإنما قلنا: (كأن) لأن الواو يمانع الحمل على البيان كما عرف في فن المعاني، إذ لو كان للبيان.. لقال: من يؤمن بالله؛ أو فمن يؤمن بالله؛ أي: والذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا بأدلته وآي كتابه الذي أنزله على عبده محمد - ﷺ - أولئك أصحاب النار خالدين فيها أبدًا، وبئس النار مصيرًا لهم.
١١ - ﴿مَا﴾ نافية (٢) ولذا زاد ﴿مِن﴾ المؤكدة. ﴿أَصَابَ﴾ الخلق ﴿مِنْ مُصِيبَةٍ﴾ وبلية وشدة من المصائب الدنيوية في الأبدان والأولاد والأموال ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى. استثناء مفرغ منصوب المحل على الحال؛ أي: ما أصابت مصيبة متلبسة بشيء من الأشياء إلا حالة كونها متلبسة بإذن الله تعالى؛ أي: بتقديره وإرادته كأنها
(٢) روح البيان.