خَلَقَكُمْ}؛ أي: قدر خلقكم في الأزل. وكذا قوله: ﴿فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾؛ أي: مقضي بكفره وإيمانه أزلًا. ﴿بِالْحَقِّ﴾: الباء للملابسة؛ أي: خلقًا متلبسًا بالحق؛ أي: بالحكمة البالغة. ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ﴾ أصله: تسررون، بوزن تفعلون، نقلت حركة الراء الأولى إلى السين فسكنت فأدغمت في الثانية. ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ﴾ هذا الاستفهام للتعجيب من حالهم. والنبأ: الخبر الهام. ﴿فَذَاقُوا﴾ أصله: ذوقوا، بوزن فعلوا، قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح. والذوق وإن كان معروفًا في القليل فهو مستعمل في الكثير أيضًا. ﴿وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾؛ أي: عقوبة كفرهم. والوبال: الثقل والشدة المترتبة على أمر من الأمور. والوبل والوابل: المطر الثقيل القطار، مقابل الطل، وهو: المطر الخفيف، ومنه: الوبيل، للطعام الثقيل على المعدة. و ﴿أمرهم﴾: كفرهم، فهو واحد الأمور، عبر عنه بذلك للإيذان بأنه أمر هائل وجناية عظيمة. ﴿يَهْدُونَنَا﴾ أصله: يهديوننا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فلما حذفت التقى ساكنان فحذفت لذلك، وضمت الدال لمناسبة الواو. ﴿وَتَوَلَّوْا﴾ أصله: توليوا، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. ﴿وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾؛ أي: أظهر غناه عنهم إذ أهلكهم وقطع دابرهم. وأصله: استغنى بوزن استفعل، قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح.
﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ والزعم: ادعاء العلم بالشيء، وأكثر ما يستعمل للادعاء الباطل، فمعنى زعم فلان كذا: ادعي علمه بحصوله، فمعنى زعمت زيدًا قائمًا: أقول إنه كذا. ففي تصدير الجملة بقوله: (زعمت) إشعار بأنه لا سند للحكم سوى ادعائه إياه وقوله به. ﴿أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾: ﴿أَن﴾ مخففة من الثقيلة، ﴿لَن﴾: ناصبة؛ لئلا يدخل ناصب على ناصب. ﴿بَلَى﴾: كلمة للجواب تقع بعد النفي لإثبات ما بعده، كما وقع في الآية. ﴿لَتُبْعَثُنَّ﴾؛ أي: لتحاسبن، وتجزون بأعمالكم. أصله: لتبعثون، بنون واحدة، ثم اتصلت به نون التوكيد الثقيلة فصار لتبعثونن بثلاث نونات فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال فصار لتبعثونّ فالتقى ساكنان فحذفت الواو لذلك، وكذا القول في قوله: ﴿ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ﴾ لا يختلفان.
﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ والتغابن تفاعل من الغبن، وليس على بابه، يقال: تغابن القوم في التجارة، إذا غبن بعضهم بعضًا في معاملة بينهم بضرب من التدليس؛ كأن يبيع أحدهم الشيء بأقل من قيمته، فهذا غبن البائع، أو يشتريه بأكثر من قيمته،