وهذا غبن للمشتري. والمراد بالمغبون هنا: من من عن منازله ومنازل أهله في الجنة، فيظهر يومئذ غبن كل كافر بترك الإيمان، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان. وهو هنا مستعار من تغابن القوم في التجارة، كما سيأتي. ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا﴾ أصله: تعفوون، بوزن تفعلون، حذفت منه نون الرفع لدخول أداة الجزم، ثم سكنت الواو الأولى لام الكلمة لتكون حرف مد لوقوعها إثر ضمة، فلما سكنت التقى ساكنان؛ لأن واو الجماعة التي بعدها ساكنة فحذفت الواو لام الكلمة، فوزنه: تفعو.
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾: أصل هذه المادة: (وق ي)؛ لأن المصدر منها الوقاية. وأصل اتقوا: اوتقيوا، أبدلت الواو فاء الكلمة تاءً وأدغمت في تاء الافتعال، ثم استثقلت الضمة على الياء فحذفت للتخفيف، فلما سكنت حذفت لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة، فحذفت وضمت القاف لمناسبة الواو، وهذا بعد حذف نون الرفع عند بناء الأمر من الأفعال الخمسة. قوله: ﴿اسْتَطَعْتُمْ﴾ فيه إعلال بالنقل والحذف، أصله: استطوع، بوزن استفعل، نقلت حركة الواو إلى الطاء فسكنت الواو لما سلبت حركتها، ثم لما أسند الفعل إلى ضمير الرفع المتحرك سكن آخره فالتقى ساكنان حينئذٍ، وهما: الواو عين الفعل، والعين لامه، فحذفت الواو، فوزنه: استفلتم. قوله: ﴿وَأَطِيعُوا﴾ أصله: وأطوعوا، نقلت حركة الواو إلى الطاء فسكنت إثر كسرة، فقلبت ياء حرف مد. ﴿يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾: يوق بوزن يفع؛ لحذف لامه للجازم؛ أي: يكف ويحفظ ويعصم؛ أي: يكفه الله شح نفسه، فيفعل في ماله جميع ما أمر به موقنًا به مطمئنًا إليه، حتى ترتفع عن قلبه الأخطار. والشح: خُلق باطني، هو الداء العضال، والبخل: فعل ظاهر ينشأ عن الشح. والنفس تارة تشح بترك المعاصي بأن تفعلها، وتارة تشح بالطاعات فتتركها، وتارة تشح بإعطاء المال. ومن فعل ما فرض عليه.. خرج عن الشح. اهـ. "خطيب".
﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ والقرض الحسن هو: التصدق من الحلال بإخلاص وطيب نفس. قال في "اللباب": القرض: القطع، ومنه: المقراض لما يقطع، وانقرض القوم إذا هلكوا، وانقطع أثرهم. وقيل للقرض: قرض، لأنه قطع شيء من المال، هذا أصل الاشتقاق. ثم اختلفوا فيه، فقيل: اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء، سمي قرضًا من حيث التزام الله سبحانه المجازاة عليه. وفي تسميته قرضًا أيضًا مزيد


الصفحة التالية
Icon