أمر (١) بإيقاع الطلاق واحدة فواحدة، ومنع الخروج من المنزل والإخراج منه إلا إذا أتين بفاحشة مبينة، ونهى عن تعدي تلك الحدود حتى لا يحصل الضرر والندم.. خيّر الرجل إذا شارفت عدة امرأته على الانتهاء بين أمرين: إما أن يراجعها ويعاشرها بحسان، وإما أن يفارقها مع أداء حقوقها التي لها من التفضل والإكرام. فإذا اختار الرجعة.. فليشهد على ذلك شاهدين عدلين، قطعًا للنزاع ودفعًا للريبة، ثم أبان أن هذه الأحكام إنما شرعت للفائدة والمصلحة، وأرشد إلى أن تقوى الله تفتح السبل للمرء وتخرجه عن كل ضيق وتهديه إلى الطريق المستقيم في دينه ودنياه، وأن من يتوكل على ربه يكفيه ما أهمه ويفرج عنه كربه. ثم ذكر أن أمور الحياة جميعًا بقضاء الله وقدره، فلا يجزع المؤمن مما يصيبه من النوائب، ولا يفرح ولا يبطر بما يناله من خيراتها.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر فيما سبق أن الطلاق السني إنما يكون في طهر لا وقاع فيه ولم يبين مقدار العدة، وكان قد ذكر في سورة البقرة التي نزلت قبل هذه أن عدة الحائض ثلاثة قروء.. ذكر هنا عدة الصغار اللاتي لم يحضن والكبار اللاتي يئسن من المحيض تكون ثلاثة أشهر، وعدة الحامل تكون بوضع الحمل، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها.
قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر مقدار العدة للصغار والكبار والحوامل.. أرشد إلى ما يجب للمعتدة من النفقة والسكنى على مقدار الطاقة. ثم أردف ذلك ببيان: أن الحوامل لهن النفقة والسكنى مدة الحمل بالغة ما بلغت، فإذا هن ولدن.. وجب لهن الأجر على إرضاع المولود، فإن لم يتفقا عليه أتى بمرضع أخرى يدفع الأب نفقتها، والأم أحق بالإرضاع إذا هي رضيت بمثل أجرتها. والنفقة لكل من الموسر والمعسر على قدر ما يستطيع فالله لا يلف نفسًا إلا ما تطيق.
قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه (٢) لما ذكر أن الطلاق لا يكون إلا في أوقات مخصوصة، وأنه يجب انقضاء العدة حتى تحل المرأة لزوج آخر، وذكر مدة العدة

(١) المراغي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon