وما يجب للمعتدة من النفقة والكسوة، ونهى عن تجاوز حدود الله تعالى، وأن من يتجاوزها يكون قد ظلم نفسه.. توعد هنا من خالفوا أمره وكذبوا رسله، وسلكوا غير ما شرعه، وأنذرهم بأن يحل بهم مثل ما حل بالأمم السالفة التي كذبت رسلها فأخذها أخذ عزيز مقتدر وأصبحت كأمس الدابر وصارت مثلًا في الآخرين.
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما أنذر مشركي مكة بأنهم إن لم يتبعوا أوامر الرسول - ﷺ - يحل بساحتهم مثل ما حل بسائر الأمم قبلهم ممن كذبوا رسلهم وعتوا عن أمر ربهم فاستؤصلوا وبادوا في الدنيا، وسيحل بهم العذاب الذي لا مرد له في الآخرة.. ذكر هنا عظيم قدرته وسلطانه وبديع خلقه للعالم العلوي والسفلي؛ ليكون ذلك باعثًا لهم على استجابة دعوة الرسول والعمل بما أنزل عليه من تشريع فيه سعادة الدارين.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أنس قال: (طلق رسول الله - ﷺ - حفصة، فأتت أهلها، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ...﴾ الآية. فقيل له: راجعها، فإنها صوامة قوامة). وأخرجه ابن جرير عن قتادة أيضًا مرسلًا.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا...﴾ الآية، سبب نزولها (١): ما أخرجه الحاكم عن جابر قال: نزلت هذه الآية، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ في رجل من أشجع كان فقيرًا، خفيف ذات اليد، كثير العيال، فأتى رسول الله - ﷺ -، فسأله، فقال له: "اتق الله واصبر"، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى جاء ابن له بغنم، وكان العدو أصابوه، فأتى رسول الله - ﷺ -، فأخبره خبرها، فقال: "كلها"، فنزلت الآية. قال الذهبي: حديث منكر له شاهد.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:

(١) لباب النقول.


الصفحة التالية
Icon