جاء عوف بن مالك الأشجعي، فقال: يا رسول الله، إن ابني أسره العدو وجزعت أمه، فما تأمرني؟ قال: "آمرك وإياها أن تستكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله" فقالت المرأة: نِعم ما أمرك، فجعلا يكثران منها، فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم، فجاء بها إلى أبيه، وهي أربعة آلاف شاة، فنزلت ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا...﴾ الآية. وأخرجه الخطيب في "تاريخه" من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه البيهقي، والحاكم في جماعة آخرين عن أبي بن كعب: أن ناسًا من أهل المدينة لما نزلت آية البقرة في عِدة النساء قالوا: لقد بقي من عدة النساء عدد لم تذكر في القرآن: الصغار، والكبار اللاتي قد انقطع عنهن الحيض، وذوات الحمل؟ فأنزل الله تعالى في سورة النساء الصغرى، ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ...﴾ الآية. وروي: أن قومًا، منهم: أبي بن كعب وخلاد بن النعمان، لما سمعوا قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ قالوا: يا رسول الله، فما عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر؟ فنزلت: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ...﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ الكريم ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾؛ أي (١): إذا أردتم تطليق النساء المدخول بهن المعتدات بالأقراء، وعزمتم عليه بقرينة ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ﴾ مستقبلات ﴿لِعِدَّتِهِنَّ﴾ متوجهات إليها، وهي الحيض عند الحنفية. فاللام متعلقة بمحذوف دل عليه معنى الكلام، والمراد أن يطلقن في طهر لم يقع فيه جماع ثم يتركن حتى تنقضي عدتهن. فإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم على القرء الأول من أقرائها.. فقد طلقت مستقبلة لعدتها. والأقراء عند أبي حنيفة هي الحيض. وقال الجرجاني: واللام في قوله: ﴿لِعِدَّتِهِنَّ﴾ بمعنى (في)؛ أي: طلقوهن في زمن استئناف عدتهن، وهو الطهر الذي لم يجامع فيه، كما عليه الشافعي، فالأقراء عند الشافعي هي الأطهار، فإذا طلقوهن هكذا.. فقد طلقوهن في عدتهن.