قال في "المفردات": أصل الطلاق: التخلية من وثاق، ويقال: أطلقت البعير من عقاله، وطلقته، وهو طالق وطلق بلا قيد، ومنه استعير: طلقت المرأة إذا خليتها، فهي طالق؛ أي: مخلاة عن حبالة النكاح، انتهى. والطلاق اسم مصدر بمعنى كالتطليق كالسلام بمعنى التسليم، والكلام بمعنى التكليم، وفي ذلك قالوا: المستعمل في المرأة لفظ التطليق، وفي غيرها لفظ الإطلاق؛ حتى لو قال: أطلقتك.. لم يقع الطلاق ما لم ينو. ولو قال: طلقتك.. وقع نوى أو لم ينو.
والعدة (١): مصدر عدّه يعده. وفي الحديث: سئل رسول الله - ﷺ - متى تكون القيامة؟ قال: "إذا تكاملت العدتان"؛ أي: عدة أهل الجنة وعدة أهل النار؛ أي: عددهم. وسمي الزمان الذي تتربص المرأة عقيب الطلاق أو الموت عدة؛ لأنها تعد الأيام المضروبة عليها، وتنتظر أوان الفرج الموعود لها.
والمعنى (٢): أي أيها المؤمنون: إذا أردتم طلاق نسائكم.. فطلقوهن لزمان محسوب من عدتهن، وهو طهر لا قربان فيه؛ حتى لا يطول عليهن زمان العدة، فإن طلقتموهن في زمان الحيض.. كان الطلاق طلاقًا بدعيًا حرامًا. والمراد بالنساء: المدخول بهن من ذوات الأقراء. أما غير المدخول بهن فلا عدة عليهن، وذات الأشهر سيأتي حكمهن فيما بعد.
أخرج الشيخان، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في آخرين عن ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ لرسول الله - ﷺ -، فتغيظ منه، ثم قال: "ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهير ثم تحيض ثم تطهير، فإن بدا له أن يطلقها.. فليطلقها قبل أن يمسا، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".
والخلاصة: أن السنة في الطلاق: أن تطلق المرأة وهي طاهرة، دون أن يكون الرجل لامسها في هذا الطهر، أو أن يطلقها وهي حامل حملًا مستبينًا. ومن هذا قسم الفقهاء الطلاق أقسامًا ثلاثة:
١ - طلاق سنة، وهو: أن يطلقها طاهرة من غير قربان، أو حاملًا حملًا قد استبان.

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon