لو اجتمعت على أن ينفعوك.. لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك.. لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف".
ثم ذكر السبب في وجوب التوكل عليه، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ بالإضافة؛ أي: منفذ أمره ومتم مراده، وممضي قضائه في خلقه، فيمن توكل عليه وفيمن لم يتوكل عليه، إلا أن من توكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا.
وقرأ الجمهور (١): ﴿بالغ﴾ بالتنوين، ﴿أمرَه﴾ بالنصب.
وقرأ حفص والمفضل، وأبان، وجبلة وابن أبي عبلة، وجماعة عن أبي عمرو، ويعقوب، وابن مصرف، وزيد بن علي بالإضافة.
وقرأ ابن أبي عبلة أيضًا، وداود بن أبي هند، وعصمة عن أبي عمرو: ﴿بالغ أمرُه﴾ بتنوين ﴿بالغٌ﴾ ورفع ﴿أمرُه﴾ على أنه فاعل بالغ أو على أن ﴿أمره﴾ مبتدأ مؤخر، و ﴿بالغ﴾ خبر مقدم، وقال الفراء في توجيه هذه القراءة: أي أمره بالغ.
والمعنى على القراءة الأولى والثانية: أن الله سبحانه بالغ ما يريده من الأمر، لا يفوته شيء ولا يعجزه مطلوب. وعلى القراءة الثالثة: أن الله نافذ أمره لا يرده شيء.
وقرأ المفضل ﴿بالغًا﴾ بالنصب على الحال، ويكون خبر ﴿إنَّ﴾ قوله: ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ ويجوز أن تخرج هذه القراءة على قول من ينصب بإن الجزئين، كقوله:
إِذَا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيْلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنْ | خُطَاكَ خِفَافًا إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَا |