يليق بذلك الشيء. وقرأ جناح بن حبيش ﴿قدرًا﴾ بفتح الدال، والجمهور بإسكانها.
والمعنى: أي إن الله سبحانه وتعالى منفذ أحكامه في خلقه بما يشاء، وقد جعل لكل شيء مقدارًا ووقتًا، فلا تحزن أيها المؤمن إذا فاتك شيء مما كنت تؤمل وترجو، فالأمور مرهونة بأوقاتها ومقدرة بمقادير خاصة، كما قال تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾.
وقال القاشاني: معنى الآية (١): ومن يتوكل على الله بقطع النظر عن الوسائط والانقطاع إليه من الوسائل.. فهو كافيه يوصل إليه ما قدر له، وشوق إليه ما قسم لأجله من أنصبة الدنيا والآخرة، إن الله يبلغ ما أراد من أمره لا مانع له ولا عائق، فمن تيقن ذلك.. ما خاف أحدًا ولا رجا، وفوض أمره إليه ونجا، وقد عين الله لكل أمر حدًّا معينًا، ووقتًا معينًا في الأزل، لا يزيد بسعي ساع ولا ينتقص بمنع مانع وتقصير مقصر، ولا يتأخر عن وقته ولا يتقدم عليه، والمتيقن لهذا الشاهد له متوكل بالحقيقة، انتهى.
٤ - ﴿وَاللَّائِي﴾ من الموصولات، جمع: التي؛ أي: واللاتي ﴿يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ﴾ لكبرهن ويأسهن؛ أي: انقطع رجاؤها من رؤية الدم لبلوغها سن اليأس. والمحيض (٢): اسم أو مصدر، ومنه: الحوض؛ لأن الماء يسيل إليه. والحيضة: المرة. وفي الشرع: دم ينفضه رحم امرأة بالغة لا داء بها ولا إياس لها. و ﴿مِنَ﴾ لابتداء الغاية، متعلقة بالفعل قبلها. حال كونها ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ﴾ وزوجاتكم اللاتي دخلتم بهن. و ﴿مِن﴾ للتبيين، متعلقة بمحذوف. ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾؛ أي: شككتم في عدتهن، وأشكل عليكم حكمهن لانقطاع دمهن بكبر السن، وجهلتم كيف عدتهن. والمراد بالشك: الجهل، وقيد به لموافقة الواقع، فلا مفهوم له، بل عدتها ما ذكر سواء علموا أو جهلوا، لكن الواقع في نفس الأمران السائلين عن عدة الآيسة كانوا جاهلين بقدرها، فالآية مخرجة على سبب. اهـ "شيخنا". ﴿فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُر﴾ فقوله: ﴿وَاللَّائِي﴾ مبتدأ، خبره قوله: ﴿فَعِدَّتُهُنَّ﴾، وقوله: ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾ اعتراض، وجواب الشرط محذوف تقديره: أي إن ارتبتم فيها.. فاعلموا أنها ثلاثة أشهر، كذا قالوا. والأشهر: جمع شهر، وهو مدة معروفة مشهورة بهلال الهلال، أو باعتبار
(٢) روح البيان.