تستقضيه حاجة فيتوانى: سيقضيها غيرك، تريد: إن تبق غير مقضية فأنت ملوم.
قال سعدي المفتي: ولا يخلو من معاتبة الأب أيضًا، حيث أسقط في الجواب عن حيز شرف الخطاب مع الإشارة إلى أنه إن ضويقت الأم في الأجر فامتنعت من الإرضاع لذلك.. فلا بد من إرضاع امرأة أخرى، وهي أيضًا تطلب الأجر في الأغلب الأكثر، والأم أشفق وأحن، فهي به أولى.
وبما ذكرنا يظهر كمال الارتباط بين الشرط والجزاء. وإنما خص الأم بالعتاب؛ لأن المبذول من جهتها هو لبنها لولدها، وهو ليس بمال ولا مما يضن به في العرف، ولا سيما من الأم، والمبذول من جهة الأب هو المال، وهو مضنون به في العادة، فهي إذًا أجدر باللوم وأحق بالعتب.
والمعنى: أي وإن ضيق بعضكم على بعض؛ بأن شاحَّ الأب في الأجر، أو اشتطت الأم في طلب زيادة لا يؤديها أمثاله.. فليحضر الأب مرضعًا أخرى تقوم بالإرضاع، فإن رضيت الأم بمثل ما استؤجرت به الأجنبية.. فهي أحق بولدها. وهذا إذا قبل الولد ثدي موضع أخرى، فإن لم يقبل إلا ثدي الأم.. وجب عليها الإرضاع بالأجر.
٧ - ثم بين مقدار الإنفاق بقوله: ﴿لِيُنْفِقْ﴾ والد ﴿ذُو سَعَةٍ﴾ ويسار على المرضع التي طلقت منه ﴿مِنْ سَعَتِهِ﴾ متعلق بـ ﴿ينفق﴾؛ أي: بقدر سعته وغناه، وفيه الأمر لأهل السعة بأن يوسعوا على المرضعات من نسائهم على قدر سعتهم وغناهم. ﴿وَمَنْ قُدِرَ﴾ وضيق ﴿عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ وقوته ﴿فَلْيُنْفِقْ﴾ على المرضعة ﴿مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾؛ أي: مما أعطاه الله من الرزق ليس عليه غير ذلك وإن قلّ.
والمعنى: لينفق كل من الموسر والمعسر ما يبلغه وسعه ويطيقه ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ﴾ سبحانه تعالى ﴿نَفْسًا﴾ معسرة ﴿إِلَّا مَا آتَاهَا﴾؛ أي: إلا بإنفاق ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير أن ينفق ما ليس في وسعه، بل عليه ما يقدر عليه وتبلغ إليه طاقته مما أعطاه الله من الرزق.
والمعنى: أي لا يكلف الله سبحانه أحدًا من النفقة على من تلزمه نفقته بالقرابة والرحم والنكاح إلا بمقدار ما آتاه من الرزق، فلا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني.
﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ﴾ سبحانه عاجلًا وآجلًا؛ إذ ليس في (السين) دلالة على تعين