رزقهم الذي رزقهم الله تعالى، وما أعظمه. فرزقًا ظاهره المفعولية لأحسن، والتنوين للتعظيم؛ لإعداده تعالى فيها ما هو خارج عن الوصف، أو للتكثير عددًا؛ لما فيه مما تشتهيه الأنفس من الرزق والأنفس، أو مددًا؛ لأن أكلها دائم لا ينقطع ولا بعد في أن يكون ﴿لَهُ﴾ بمعنى: إليه، ويكون ﴿رِزْقًا﴾ تمييزًا، بمعنى: قد هيأ له وأعد ما يحسن إليه به من جهة الرزق.
ومعنى الآية (١): أي ومن يصدق بوحدانية الله وعظيم قدرته وبديع حكمته، ويعمل بطاعته.. ويدخله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، لا يموتون ولا يخرجون منها، وقد وسع الله لهم فيها الأرزاق من مطاعم ومشارب مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
١٢ - ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ الاسم الشريف مبتدأ، والموصول مع صلته خبره؛ أي: المعبود الذي يستحق منكم العبادة هو الإله القادر، الذي خلق وأبدع على غير مثال سابق سبع طبقات علوية. ونكرها للتعظيم المفيد لكمال قدرة صانعها، أو لكفايته في المقصود من إثبات قدرته الكاملة على وفق حكمته الشاملة، وذلك يحصل بإخبار خلقه تعالى سبع سموات من غير نظر إلى التعيين. ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ﴾؛ أي: وخلق عن الأرض ﴿مِثْلَهُنَّ﴾؛ أي: مثل السموات السبع في العدد والطباق، فقوله: ﴿مِثْلَهُنَّ﴾ منصوب بفعل مضمر بعد الواو، دل عليه الناصب لسبع سموات، وليس بمعطوف على سبع سموات؛ لأنه يستلزم الفصل بين حرف العطف - وهو الواو - وبين المعطوف بالجار والمجرور، وصرح سيبويه وأبو علي بكراهيته في غير موضع الضرورة.
واختلف في كيفية طبقات الأرض (٢): قال القرطبي في "تفسيره": واختلف فيهن على قولين:
أحدهما - وهو قول الجمهور -: أنها سبع أرضين طباقًا، بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض، وفي كل أرض سكان من خلق الله.
(٢) البحر المحيط.