وقال الضحاك: إنها مطبقة بعضها فوق بعض من غير فتوق ولا فرجة بخلاف السموات.
والقول الأول أصح؛ لأن الأخبار الصحيحة دالة عليه:
منها: ما في "صحيح مسلم" عن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: "من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا.. فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين... " إلى آخر كلامه.
ومنها: ما روي عن ابن مسعود: أن النبي - ﷺ - قال: "ما السموات السبع وما فيهن وما بينهن، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة".
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في "الشعب" من طريق أبى الضحى عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى. قال البيهقي: هذا إسناده صحيح، وهو شاذ بمرة لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعًا. قال أبو حيان: وهذا حديث لا شك في وضعه.
وقرأ الجمهور: ﴿مِثْلَهُنَّ﴾ بالنصب عطفًا على ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ أو على تقدير فعل؛ أي: وخلق من الأرض مثلهن. وقرأ عاصم في رواية وعصمة عن أبي بكر عنه بالرفع على الابتداء والجار والمجرور قبله خبره.
﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ﴾؛ أي: أمر الله، واللام عوض عن المضاف إليه. وقرأ الجمهور (١): ﴿يَتَنَزَّلُ﴾ مضارع تنزل وبرفع ﴿الْأَمْرُ﴾. وقرأ عيسى وأبو عمر في رواية ﴿ينزِّل﴾ مضارع نزل مشددًا، ﴿الأمر﴾ بالنصب، والفاعل ﴿الله﴾ سبحانه. وقرىء: ﴿ينزِل﴾ مخففًا، مضارع أنزل. ﴿بَيْنَهُنَّ﴾؛ أي: بين السموات السبع والأرضين السبع.
والظاهر (٢): أن الجملة استئنافية للإخبار عن شمول جريان حكمه ونفوذ أمره في العلويات والسفليات كلها، فالأمر عند الأكثرين القضاء والقدر، بمعنى: يجري
(٢) روح البيان.