ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فيسمعون منك، فإن آمنوا بك.. آمنا بك وصدقناك، فخرج رسول الله - ﷺ - في ثلاثة من أصحابه، وخرج ثلاثة من اليهود معهم الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله - ﷺ - فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها - وهو رجل مسلم من الأنصار - فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله - ﷺ -، فأقبل أخوها سريعًا حتى أدرك النبي - ﷺ - فساره بخبرهم قبل أن يصل إليهم، فرجع النبي - ﷺ -، فلما كان من الغد صبحهم رسول الله - ﷺ - بالكتائب، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وأيسوا من نصر المنافقين، فسألوا رسول الله - ﷺ - الصلح، فأبى عليهم إلا أن يخرجوا من المدينة على ما يأمرهم به، فقبلوا ذلك، فصالحم على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من أموالهم إلا الحلقة - وهي: السلاح - وعلى أن يخلوا لهم ديارهم وعقارهم وسائر أموالهم. قال ابن عباس: على أن يحمل كل أهل بيت على بعير ما شاؤوا من متاعهم، وللنبي - ﷺ - ما بقي. وقيل: أعطي كل ثلاثة نفر بعيرًا وسقاء، ففعلوا ذلك، وخرجوا من ديارهم إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام إلا أهل بيتين منهم: آل أبي الحقيق وآل حييّ بن أخطب؛ فإنهم لحقوا بخيبر ولحقت طائفة بالحيرة.
فذلك قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يعني: بني النضير ﴿مِنْ دِيَارِهِمْ﴾؛ أي: من بيوتهم التي كانت بالمدينة.
قال ابن إسحاق: كان إجلاء بني النضير مرجع النبي - ﷺ - من أحد، وفتح قريظة مرجعه من الأحزاب، وبينهما سنتان، انتهى. أي: أمر بإخراج أهل التوراة؛ يعني: بني النضير من ديارهم. جمع دار. والفرق بين الدار والبيت: أن الدار دار وإن زالت حوائطها، والبيت ليس ببيت بعدما انهدم جدرانها؛ لأن البيت اسم لمبنى مسقف، مدخله من جانب واحد بني للبيتوتة، سواء كان حيطانه أربعة أو ثلاثة. وهذا المعنى موجود في الضُّفَّة إلا أن مدخلها واسع، فيتناولها اسم البيت. والبيوت اسم أخص بالمسكن، والأبيات بالشِّعر.
و ﴿اللام﴾ في قوله: ﴿لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ للتوقيت كاللام في قوله: ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾، متعلقة بـ ﴿أَخْرَجَ﴾؛ أي: عند أول حشرهم وسوقهم إلى الشام، وفي "كشف الأسرار": اللام لام العلة؛ أي: أخرجوا من ديارهم ليكون حشرهم إلى


الصفحة التالية
Icon