العلم حكمتم أم في حال الجهل؟ فيكون ظرفًا أو أعالمين حكمتم أم جاهلين؟ فيكون حالًا.
والخلاصة: أي ماذا حصل لكم من فساد الرأي وخبل العقل حتى قلتم ما قلتم؟
٣٧ - ثم سد عليهم طريق القول، وقطع عليهم كلَّ حجة يستندون إليها فيما يدّعون، فقال: ﴿أَمْ لَكُمْ﴾؛ أي: بل ألكم ﴿كِتَابٌ﴾ نازل من السماء. و ﴿أَمَّ﴾ فيه منقطعة بمعنى بل الإضرابية وهمزة الإنكار. ﴿فِيهِ﴾ متعلق بقوله: ﴿تَدْرُسُونَ﴾ أي: تقرؤون فيه
٣٨ - ﴿إِنَّ لَكُمْ فِيهِ﴾ أي: في ذلك الكتاب، أو في يوم القيام ﴿لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾ وتشتهون؛ أي: بل ألكم كتالت نازل من السماء فيه تقرؤون أنّ لكم في ذلك الكتاب ما تشتهونه في الآخرة. وأصل الكلام: ﴿أنّ لكم﴾ بالفتح؛ لأنّه مدروس فيكون مفعولًا واقعًا مَوْقِعَ المفرد، وتكون لام الابتداء زائدة. فلا تكسر همزة ﴿إنّ﴾ ولكن لما جيءَ باللام كسرت، فإن لام الابتداء لا تدخل على ما هو في حيّز ﴿أنّ﴾ المفتوحة، وهذه اللام للابتداء، داخلة على اسم ﴿إنّ﴾.
والمعنى: تدرسون في الكتاب أنّ لكم في الآخرة ما تختارونه لأنفسكم، وأن يكون العاصي المطيع بل أرفع حالًا منه، فأتوا بكتاب إن كنتم صادقين. ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو كقوله تعالى: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)﴾، فيكون الموضع من مواضع كسر همزة ﴿إنّ﴾ لعدم وقوعها موقع المفرد، حكاه الله في القرآن بصورته. والفرق بين الوجهين: أنّ المدروس في الأول ما انسبك من الجملة، وفي الثاني الجملة بلفظها. وقوله: ﴿فِيِه﴾ لا يستغنى عنه بفيه أوّلًا، فقد يكتب المؤلف في كتابه ترغيبًا للناس في مطالعته أنّ في هذا الكتاب كذا وكذا.
قال سعديٌّ المفتي: لك أن تمنع كون الضمير للكتاب، بل الظاهر أنّه ليوم القيام المعلوم بدلالة المقام.
وقرأ الجمهور (١): ﴿إنَّ لَكُمْ﴾ بكسر الهمزة، فقيل: هو استئناف قول على معنى: إن لكم كتابًا فلكم فيه متخيَّر. وقيل: ﴿أنَّ﴾ معمولة لتدرسون؛ أي: