تقول: يا رسول الله إنّ ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم؟ قال: نعم، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين" أخرجه الترمذي؛ أي: "لو كان شيء مهلكًا أو مضرًا بغير قضاء الله وقدره.. لكان العين" أي: إصابتها لشدة ضررها. ومعنى "العين حقّ" أي: أثرها في المعين واقع، ولما كان ظهور القضاء بعد العين.. أضيف ذلك إليها.
وقد صح من عدة طرق حديث: "أنّ العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر". وروى أحمد عن أبي ذرّ مرفوعًا: "أن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالفًا ثم يتردى منه".
والأحاديث في هذه الباب كثيرة، وسرُّ هذا أنَّ من خصائص بعض النفوس أن تؤثر في غيرها بوساطة العين لما فيها من كهربية خاصة يكون بها تأثير فيما تنظر إليه، والله يختص ما شاء بما شاء، وشبيه بهذا تأثير بعض النفوس في بعض بوساطة التنويم المغناطيسي الذي أصبح الآن فنًّا له أساليب علمية لا يمكن إنكارها.
ولا تختص العين بالإنس بل تكون في الجن أيضًا. وقيل: عيونهم أنفذ من أسنة الرماح. وعن أمّ سلمة رضي الله عنها: أنَّ النبي - ﷺ - رأى في بيتها جارية تشتكي وفي وجهها صفرة، فقال: "استرقوا لها، فإن بها النظرة" وأراد بها العين "أصابتها من الجن". وورد في الرقية عنها أحاديث منها: حديث أم سلمة هذا.
ومنها: حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله - ﷺ - في أوّل النهار، فرأيته شديد الوجع، ثم عدت إليه آخر النهار فوجدته معافى فقال: إن جبريل أتاني فرقاني، فقال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن كل عين وحاسد، الله يشفيك، قال النبي - ﷺ - فأفقت. والرقية مصدر رقاهُ الراقي رقيا ورقية إذا عوذه ونفث في عوذته، فالرقية القراءة على المريض، وينفث عليه. وإنما تكره الرقية إذا كانت بغير لسان العرب، ولا يدرى ما هو ولعله يدخله سحر أو كفر. وأما ما كان بآي من القرآن، أو بشيء من الدعوات والأذكار، وأسماء الله تعالى فلا بأس به، كما في حديث عبادة بن الصامت.
ويجوز التعوذ والتحصن منها، فقد كان النبي - ﷺ - يعوذ الحسن والحسين، فيقول: أعوذ بكلمات الله التامة من كلّ شيطان وهامّة، ومن كلّ عين لامّة، ويقول:


الصفحة التالية
Icon