هكذا كان يعوّذ إبراهيم إسماعيل وإسحاق عليهم السلام. ويجوز الاحتراز منها، فقد كان يعقوب عليه السلام خاف على أولاده من العين، لأنهم كانوا أعطوا جمالًا وقوةً وامتداد قامة، وكانوا ولد رجل واحد، فقال: ﴿يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾. فأمرهم أن يتفرقوا في دخولها لئلا يصابوا بالعين.
ومما يدفع العين ما روي: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه رأى صبيًّا مليحًا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين؛ أي: سودوا نقرة ذقنه. قالوا: ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤوس في المزارع والكروم، ووجهه أن النظر الشؤم يقع عليها أوَّلًا فتكسر سورته فلا يظهر أثره.
ومن الشفاء من العين: أن يقرأ على ماء في إناء نظيف قوله تعالى: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾، والفاتحة، وآية الكرسي، وست آيات الشفاء، وهي: ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾. ويسقى المريض من ذلك الماء، ويغسل به.
ومن الشفاء: أن يؤمر العائن فيغتسل، أو يتوضأ بماء ثم يغتسل به المعين، كما ورد به الحديث.
قيل وجه إصابة العين: أن الناظر إذا نظر إلى شيء واستحسنه، ولم يرجع إلى الله، وإلى رؤية صنعه قد يحدث الله سبحانه في المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء لعباده، ليقول المخق؛ إنه من الله وغيره من غيره، فيؤاخذ الناظر لكونه سببها.
ووجَّهها بعضهم (١): بأن العائن قد ينبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد، كما قيل ذلك في بعض الحيّات، وبه يحصل الجواب عمن أنكر إصابة العين، كبعض المعتزلة وقال: إنها لا حقيقة لها؛ لأن تأثير الجسم في الجسم لا يعقل إلا بواسطة المماسة ولا مماسة هنا، فامتنع حصول التأثير انتهى.
وفائدة الرقي: أن الروح إذا تكيفت به، وقويت واستعانت بالنفث والتفل