قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة والخواص الفاسدة فأزالته.
والحاصل: أن الرقية بما ليس بشرك مشروعة، لكن التحرز من العين لازم، وأنه واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يبرك ويقول: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه، فإنه إذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة، ومن عرف بإصابة العين منع مداخلة الناس دفعًا لضرره. وفي هذا المقام مباحث كثيرة نافعة جدًا من المسائل الفقهية والطبية ضربنا عنها صفحًا خوفًا من الإطالة.
الإعراب
﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣)﴾.
﴿ن﴾: تقدم غير مرّة أنّ الأصح الأسلم في الحروف المقطعة في أوائل السور أنها من المشتبهات التي استأثر الله سبحانه بعلمها، فليس معناها معلومًا لنا، فإذًا لا إعراب لها؛ لأن الإعراب فرع عن إدراك المعنى. ﴿وَالْقَلَمِ﴾ ﴿الواو﴾: حرف جر وقسم، ﴿القلم﴾ مقسم به مجرور بواو القسم، الجار والمجرور متعلق بفعل قسم محذوف وجوبًا تقديره: أقسم بالقلم. وجملة القسم مستأنفة استئنافًا نحويًّا، أقسم تعالى به تعظيمًا لشأنه. ﴿وَمَا﴾ ﴿الواو﴾: عاطفة ﴿ما﴾ موصولة أو مصدرية، معطوفة على ﴿القلم﴾، وجملة ﴿يَسْطُرُونَ﴾ صلة للموصول الاسميّ، والعائد محذوف؛ أي: وما يسطرونه، والتقدير: أقسم بالقلم أوّلًا، ثم بمسطور الملائكة. أو صلة للموصول الحرفيّ، والتقدير: أقسم بالقلم، ثم بسطر الملائكة، فالمقسم به شيئان على ثلاثة أشياء: نفي الجنون عنه، وثبوت الأجر له، وكونه على الملة الحنيفية السمحاء. ﴿مَا﴾ نافية حجازية، ﴿أَنْتَ﴾ اسمها، ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بمعنى النفي المدلول عليه بـ ﴿ما﴾، والباء سببية، ﴿بِمَجْنُونٍ﴾ خبر ﴿ما﴾ الحجازية، والباء زائدة في خبرها، والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب، والمعنى: انتفى عنك الجنون بسب إنعام ربّك عليك بالنبوة. ﴿وَإِنَّ﴾ ﴿الواو﴾: عاطفة، ﴿إنَّ﴾ حوف نصب ﴿لَكَ﴾ خبرها مقدم، ﴿لَأَجْرًا﴾ اللام: حرف ابتداء، ﴿أجرا﴾ اسمها مؤخر، ﴿غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ صفة ﴿أجرًا﴾، وجملة ﴿إنّ﴾ معطوفة على جملة ﴿مَا﴾ الحجازية على كونها جواب القسم.


الصفحة التالية
Icon