ويميت، ويعز ويدل، ويفقر ويغني، ويمرض ويشفي، ويقرب ويبعد، ويعمر ويخرب، ويفرق ويصل، ويكشف ويحجب، وإلى غير ذلك من شؤون العظمة وآثار القدرة الإلهية والسلطنة الأزلية والأبدية.
وقال بعضهم: البركة: كثرة الخير ودوامه؛ فنسبتها إلى الله تعالى باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته من فنون الخيرات، والمعنى أي: تكاثر خير الذي بيده الملك، وتزايد إنعامه وإحسانه، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾.
قال الراغب: البركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، والمبارك: ما فيه ذلك الخير. ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحيى وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر.. قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة: هو مبارك، وفيه بركة، وإلى هذه الزيادة أشير بما روي: "لا ينقص مال من صدقة".
﴿وَهُوَ﴾ سبحانه وتعالى وحده ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الأشياء، وعلى كل مقدور من الإنعام والانتقام وغيرهما ﴿قَدِيرٌ﴾ أي: مبالغ في القدرة عليه، ومنته إلى أقصاها، يتصرف فيه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة. والجملة معطوفة على الصلة، مقررة لمضمونها، مفيدة لجريان أحكام ملكه تعالى في جلائل الأمور ودقائقها.
قال بعضهم: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: ما يمكن أن تتعلق به المشيئة من المعدومات الممكنة؛ لأن الموجود الواجب لا يحتاج في وجوده إلى شيء ويمتنع زواله أزلًا وأبدًا، والموجود الممكن لا يراد وجوده؛ إذ هو تحصيل الحاصل، والمعدوم الممتنع لا يمكن وجوده فلا تتعلق به المشيئة. فتعلق القدرة بالمعدوم بالإيجاد، وبالموجود بالإبقاء. والتحويل من حال إلى حال.
ومعنى الآية (١): تعالى ربنا الذي بيده ملك الدنيا والآخرة، فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويرفع أقوامًا ويخفض آخرين وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة، لا يمنعه مانع ولا يحول بينه وبين ما يريد عجز، فله التصرف التام في الموجودات