حضرموت واليمن، وكانوا عربًا أيضًا ذوي بسطة في الخلق، وكان أطولهم مئة ذراع، وأقصرهم ستين، وأوسطهم ما بين ذلك. وكان رأس الرجل منهم كالقبة يفرخ في عينيه ومنخره السباع. وتأخيره عن ثمود مع تقدّمهم زمانًا من قبيل الترقّي من الضالّ الشديد إلى الأضلّ الأشدّ. ﴿فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ﴾ هي الدبور لقوله - ﷺ -: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور" ﴿صَرْصَرٍ﴾؛ أي: شديدة الصوت، لها صرصرة في هبوبها. أو شديدة البرد تحرق ببردها النبات والحرث، فإن الصر بالكسر: شدة البرد. ولم يقل: صرصرة كما قال: ﴿عَاتِيَةٍ﴾ مع أن الريح مؤنثة؛ لأن الصرصر وصف مختص بالريح، فأشبه باب: حائض وطامث وحامل، بخلاف عاتية فإنها غير الريح من الأسماء المؤنثة يوصف به، ذكره في مشتبه القرآن. ﴿عَاتِيَةٍ﴾؛ أي: مجاوزة للحد في شدّة العصيان؛ كأنها عتت على خزانها، فلم يتمكنوا من ضبطها. والرياح مسخرة لميكائيل تهب بإذنه وتنقطع بإذنه، وله أعوان كأعوان ملك الموت.
روي (١): أنه ما يخرج من الريح شيء إلا بقدر معلوم، ولما اشتد غضب الله على قوم عاد أصابتهم ريح خارجة عن ضبط الخزّان، ولذلك سمّيت ﴿عَاتِيَةٍ﴾. أو المعنى: ﴿عَاتِيَةٍ﴾ على عاد فلم يقدروا على ردّها بحيلة من استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفاء في حفرة، فإنها كانت تنزعهم من مكانهم وتهلكهم.
٧ - ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ﴾ التسخير: سوق الشيء إلى الغرض المختصّ به قهرًا، والمسخر هو المقيض للفعل. والمعنى: سلط الله تلك الريح الموصوفة على قوم عاد بقدرته القاهرة كما شاء.
والظاهر: أن هذه الجملة صفة أخرى لـ ﴿ريح﴾، ويجوز أن تكون حالًا منها لتخصّصها بالصفة. وقيل: هي مستأنفة لدفع ما يتوهم من كونها باتصالات فلكيّة مع أنه لو كان كذلك.. لكان بتسبّبه وتقديره، فلا يخرج من تسخيره تعالى. ﴿سَبْعَ لَيَالٍ﴾ منصوب على الظرفية لقوله: ﴿سَخَّرَهَا﴾، وذكر اسم العدد لكون المعدود مؤنثًّا؛ لأن الليالي جمع ليلة، وهي مؤنثة، وتجمع الليلة على الليالي بزيادة الياء على غير القياس، فيحذف ياؤها حالة التنكير بالإعلال، مثل: الأهالي والأهال في