جمع أهل، إلا في حالة النصب نحو قوله تعالى: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾؛ لأنّه غير منصرف، والفتح خفيف. ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾ أنث اسم العدد لكون المعدود مذكّرًا، لأنّ الأيام جمع يوم، وهو مذكر. وهو معطوف على ﴿سَبْعَ لَيَالٍ﴾. ﴿حُسُومًا﴾ جمع (١) حاسم كشهود جمع شاهد، وهو حال من مفعول ﴿سَخَّرَهَا﴾ بمعنى حاسمات. عبّر عن الريح الصرصر بلفظ الجمع لتكثرها باعتبار وقوعها في تلك الليالي والأيّام. وقال بعضهم: صفة لما قبله، والمعنى على الأول: حال كون تلك الريح متتابعات ما خفق هبوبها في تلك المدة ساعة حتى أهلكتهم تمثيلا لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكيّ على داء الدابة مرة بعد أخرى حتى ينحسم وينقطع الدم، فهو من استعمال المقيد في المطلق؛ إذ الحسم هو تتابع الكيّ. أو حسمات حسمت كل خير واستأصلته أو قاطعات قطعت دابرهم.
والحاصل: أن تلك الرياح فيها ثلاث حيثيات:
الأولى: تتابع هبوبها.
والثانية: كونها قاطعة لكل خير ومستأصلة لكل بركة أتت عليها.
والثالثة: كونها قاطعة دابرهم، فسميت حسمًا بمعنى حاسمات إما تشبيهًا لها بمن يحسم الداء في تتابع الفعل؛ وإما لأن الحسم في اللغة: القطع والاستئصال وسمي السيف حساما لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته. وقرأ الجمهور ﴿حُسُومًا﴾ بضم الحاء. وقرأ السدّي: ﴿حَسُوْمًا﴾ بفتحها، ومنه قول الشاعر:

فَأَرْسَلْتِ رِيْحًا دَبُوْرًا عَقِيْمَا فَدَارَتْ عَلَيْهِمْ فَكَانَتْ حَسُوْمَا
قال ابن زيد: أي حسمتهم فلم تبق منهم أحدًا. واختلف في أولها فقيل: غداة الأحد، وقيل: غداة الجمعة، وقيل: غداة الأربعاء لثمان بقين من شوال، وقيل: آخر أسبوع من شهر صفر إلى غروب الأربعاء الآخر، وهو آخر الشهر.
وتلك الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز. وإنمّا سميت عجوزًا لأن عجوزًا من عاد توارت في سرب؛ أي: في بيت في الأرض، فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها. وقيل: هي أيام العجز، وهي آخر الشتاء ذات برد ورياح
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon