بمعنى المصروع؛ أي: المطروح على الأرض الساقط عليها؛ لأن الصرع: الطرح، وقد صرعوا بموتهم. وجملة كأن في قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ في موضع الحال إما من القوم على قول من جوز حالين من ذي حال واحد أو من المنويّ في ﴿صَرْعَى﴾ عند من لم يجوز ذلك؛ أي: ترى القوم حال كونهم مصروعين مشبهين بـ ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ﴾؛ أي: بأصول نخل، كما قال في "القاموس". وأعجاز النخل أصولها انتهى. والنخل: اسم جنس مفرد لفظًا وجمع معنى، واحدتها: نخلة. ﴿خَاوِيَةٍ﴾؛ أي: متآكلة الأجواف خاليتها لا شيء فيها، بمعنى أنهم متساقطون على الأرض أمواتًا طوالًا غلاظًا كأنهم أصول نخل مجوفة بلا فروع. شبهوا بها من حيث إن أبدانهم خوف، وخلت من أرواحهم كالنخل الخاوية. وقيل: كانت الريح تدخل من أفواههم، فتخرج ما في أجوافهم من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية. وأصل الخوى: الخلاء، يقال: خوى بطنه من الطعام إذا خلا. وفيه إشارة إلى عظم خلقهم وضخامة أجسادهم، ولذا كانوا يقولون: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾، وإلى أنّ تلك الريح أبلتهم فصاروا كالنخل الموصوفة. وقرأ أبو نهيك (١) ﴿أعجز﴾ على وزن أفعل كضبع وأضبع. وحكى الأخفش أنّه قرىء ﴿نخيل خاوية﴾.
٨ - وقال ابن جريج: كانوا في سبعة أيام في عذاب ثم في الثامن ماتوا، وألقتهم الريح في البحر، فذلك قوله: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)﴾ والاستفهام (٢) لإنكار الرؤية. والباقية اسم كالبقية لا وصف والتاء للنقل إلى الاسميّة، و ﴿مِنْ﴾ زائدة، و ﴿بَاقِيَةٍ﴾ مفعول ترى. أي: ما ترى منهم بقية من صغارهم وكبارهم وذكررهم وإناثهم غير المؤمنين. ويجوز أن يكون صفة موصوف محذوف بمعنى نفس باقية أو مصدرًا بمعنى البقاء كالكاذبة والطاغية. والبقاء: ثبات الشيء على الحالة الأولى، وهو يضاد الفناء.
ومعنى الآية: فترى قوم عاد في تلك السبع الليالي والثمانية الأيّام المتتابعة صرعى هالكين، كأنهم أصول نخل متأكلة الأجواف لم يبق منهم ولا من نسلهم أحد. وجاء في آية أخرى: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾.
٣ - ٩ ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ﴾؛ أي: فرعون موسى. أفرده بالذكر لغاية علوّه واستكباره.
(٢) روح البيان.