١٥ - ﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾؛ أي: فحينئذٍ، وهو منصوب بقوله: ﴿وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾؛ أي: قامت القيامة. فالواقعة اسم من أسماء القيامة بالغلبة لتحقق وقوعها، وبهذا الاعتبار أسند إليه ﴿وَقَعَتِ﴾؛ أي: إذا كان الأمر كذلك قامت القيامة التي توعدون بها أو نزلت النازلة العظيمة التي هي صيحة القيامة. وهو جواب لقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل، من ﴿إذا﴾، كرّر لطول الكلام، والعامل فيهما ﴿وَقَعَتِ﴾.
١٦ - ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾؛ أي: تشققت وانفرجت لنزول الملائكة لأمر عظيم أراده الله تعالى كما قال في آية أخرى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)﴾. أو بسبب شدّة ذلك اليوم، وهو معطوف على ﴿وَقَعَتِ﴾. ﴿فَهيَ﴾؛ أي السماء ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ أي: يوم إذ انشقت ﴿وَاهِيَةٌ﴾ أي: ضعيفة مسترخية ساقطة القوة جدًّا كالغزل المنقوض بعدما كانت محكمة مستمسكة، وإن كانت قابلة للخرق والالتئام.
ومعنى الآيات: فإذا نفخ إسرافيل النفخة الأولى التي عندها خراب العالم، ورفعت الأرض والجبال مِنْ أماكنها، ولا ندري كيف رفعت؛ لأنّ ذلك من أنباء الغيب، فقد يكون ذلك بريح يبلغ من قوة عصفها أن تحملهما أو أنَّ ملكًا يحملهما أو بقدرة الله من غير سبب ظاهر، أو بمصادمة بعض الأجرام كذوات الأذناب، فتنفصل الجبال؛ وترتفع من شدّة المصادمة، وترتفع الأرض من حيّزها، فضرب بعضهما ببعض ضربة واحدة حتى تقطعت أوصالها وصارتا كثيبًا مهيلًا وهباء منبثًا، لا يتميز شيء من أجزائهما عن الآخر، فحينئذٍ تقوم القيامة وتتصدع السماء؛ لأنها يومئذٍ ضعيفة المنة كالعهن المنفوش بعد أن كانت شديدة الأسر عظيمة القوة.
١٧ - ﴿وَالْمَلَكُ﴾؛ أي: والملائكة ﴿عَلَى أَرْجَائِهَا﴾؛ أي: على جوانب السماء ينظرون إلى أهل الأرض، ولا ندري كيف ذلك، ولا الحكمة فيه؛ فناع تفصيل ذلك ونؤمن به، كما جاء في الكتاب ولا نزيد عليه.
ومعنى ﴿وَالْمَلَكُ﴾؛ أي: الخلق المعروف بالملك، وهو أعم من الملائكة، ألا ترى إلى قولك: ما من ملك إلا وهو شاهد أعم من قولك: من ملائكة.
قال الزمخشري: فإن قلت (١): ما الفرق بين قولك: والملك وبين أن يقال: