التكثير. ويجوز أن يراد ظاهره من العدد. وقال ابن عباس وابن جريج، ومحمد بن المنكدر بذراع الملك. وقال نوف البكالي: كل ذراع سبعون باعًا كل باع أبعد مما بينك وبين مكة، وكان نوف في رحبة مسجد الكوفة. وهذا يحتاج إلى نقل صحيح. قال الحسن: الله أعلم بأيّ ذراع هي. وقيل: بالذراع المعروف عندنا، وإنّما خوطبنا بما نعرفه ونحصله. وعن كعب: لو جمع حديد الدنيا. ما وزن حلقة منها، ولو وضعت منها حلقة على جبل.. لذاب مثل الرصاص تدخل السلسلة في فيه وتخرج من دبره، ويلوى فضلها على عنقه وجسده، ويقرن بها بينه وبين شيطانه.
يقول الفقير: هذا يقتضي أن يكون ذلك عذاب الكافر؛ لأن جسده يكون في العظم مسيرة ثلاثة أيام، وضرسه مثل جبل أحد كما ورد في الحديث.
والمعنى (١): أي فيقال لخزنة جهنم: خذوه فضعوا الغل في عنقه، ثم أدخلوه في النار الموقدة كفاء كفره بالله واجتراحه عظيم الآثام، ثم أدخلوه في سلسلة طولها سبعون ذراعًا تلف على جميع جسمه حتى لا يستطيع تحركًا ولا انفلاتًا، والعرب إذا أرادت الكثرة عبرت بالسبعة والسبعين والسبع مئة والمقصود إثبات أنها طويلة المدى.
٣٣ - ثم بين سبب استحقاق هذا العذاب، فقال: ﴿إنَّهُ﴾؛ أي: إن هذا الكافر ﴿كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ وصفه تعالى بالعظيم للإيذان بأنه المستحق للعظمة فحسب، فمن نسبها إلى نفسه استحق أعظم العقوبات. والجملة مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: ما له يعذب بهذا العذاب الشديد؟ فأجيب: بأنه كان لا يؤمن بالله العظيم. والمعنى: افعلوا ذلك به جزاء له على كفره بالله في الدنيا وإشراكه به سواه وعدم القيام بحق عبادته وأداء فرائضه.
٣٤ - ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)﴾؛ أي: ولا يحثّ الناس على إطعام المسكنة والحاجة فضلًا عن بذل المال لهم. والحضّ: الحث على الفعل بالحرص على وقوعه. والمراد من الطعام (٢) العين، ولا بد من تقدير مضاف مثل: إعطاء أو بذل؛ لأن الحث والتحريض لا يتعلق بالأعيان بل بالأحداث، وأضيف الطعام إلى المسكين من حيث أن له إليه نسبة. والمعنى: ولا يحث أهله وغيرهم على إعطاء طعام يطعم به الفقير فضلًا عن
(٢) روح البيان.