أقاويل تصغيرًا لها وتحقيرًا. ﴿لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ وفي "المفردات" الوتين: عرق يسقي الكبد إذا انقطع مات صاحبه، وفي بعض كتب التفسير: الوتين: عرق في القلب يجري منه الدم إلى العروق كلّها، ويجمع على وتن وأوتنة اهـ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإطناب بتكرار لفظ ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢)﴾ للتهويل والتعظيم.
ومنها: الإسناد المجازي في قوله: ﴿الْحَاقَّةُ (١)﴾. لأنَّ المراد بها الزمان الذي يحقّ أن يتحقق فيه ما أنكر في الدنيا من البعث، فيصير فيها محسوسًا مشاهدًا بالعيان على حدّ قولهم: نهاره صائم وليله قائم.
ومنها: الإظهار في موضع الإضمار في قوله: ﴿مَا الْحَاقَّةُ (٢)﴾ تأكيدًا لهولها، الأصل: ما هي؛ أي: أيّ شيء هي في حالها وصفتها؟.
ومنها: وضع القارعة موضع ضمير الحاقة في قوله: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾ للدلالة على معنى القرع فيها زيادة في وصف شدتها فإن في القارعة ما ليس في الحاقة من الوصف؛ لأنَّ الأصل أن يقال: كذّبت ثمود وعاد بها.
ومنها: الإجمال في قوله: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤)﴾ ثم التفصيل بقوله: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦)...﴾ إلخ. لزيادة البيان والإيضاح، وفيه أيضًا من المحسنات البديعية اللفّ والنشر المرتب.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿حُسُومًا﴾، لأنّه من استعمال المقيّد، وهو الحسم الذي هو تتابع الكيّ في مطلق التتابع، وقيل: فيه استعارة تصريحية تبعية، فقد شبه تتابع الريح المستأصلة بتتابع الكيّ القاطع للداء، فاستعار له الاسم الدالّ على المشبه به على طريق الاستعارة التصريحية التبعية.
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ لذكر الأداة فيه مع حذف وجه السببه، فقد شبهم بالجذوع لطول قاماتهم، وكان الريح تقطع رؤوسهم كما تقطع رؤوس النخل المتطاولة خلال تلك الإيّام الثمانية والليالي