قال: هو النضر بن الحارث، حيث قال إنكارًا واستهزاءً: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. فقتل يوم بدر صبرًا هو وعقبة بن أبي معيط. وقال الربيع: هو أبو جهل، حيث قال: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾. وقيل: هو الحارث بن النعمان القهريّ، وذلك أنّه لما بلغه قول رسول الله - ﷺ - في عليّ رضي الله عنه: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" قال: اللهم إن كان ما يقول محمّد حقًّا.. فأمطر علينا حجارةً من السماء، فما لبث حتى رماه الله تعالى بحجر، فوقع على دماغه فخرج من دبره، فمات من ساعته، فنزلت هذه الآية.
وقال الحسن وقتادة: لما بعث الله محمدًا - ﷺ -، وخوف المشركين بالعذاب قال المشركون بعضهم لبعض: سلوا محمدًا لمن هذا العذاب؟ وبمن يقع؟. فأخبره الله عنهم بقوله: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ حكاية لسؤالهم المعتاد على طريقة قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾. قال أبو السعود: ولعلّ هذا القول أقرب.
قوله تعالى: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ...﴾ الآيات، سبب نزولها (١) ما روي: أنه - ﷺ - كان يصلي عند الكعبة، ويقرأ القرآن، وكان المشركون يجتمعون حوله حلقًا حلقًا وفرقًا فرقًا يستمعون ويستهزئون ويقولون: إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد.. فلندخلنها قبلهم، فنزلت هذه الآيات.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ من (٢) السؤال بمعنى الدعاء والطلب، يقال: دعا بكذا استدعاه، وطلبه، ومنه قوله تعالى: ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ﴾؛ أي: يطلبون في الجنة كل فاكهة.
والمعنى: دعا داع وطلب طالب من الله تعالى ﴿بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾؛ أي: بنزول عذاب واقع؛ أي: نازل لا محالة، سواء طلبه أو لم يطلبه لسبق نزوله في علم الله تعالى؛ أي: استدعاه وطلبه.
ومن التوسّعات الشائعة في "لسان العرب" حمل النظير على النظير، وحمل
(٢) روح البيان.