ويتراصون في الصف". وقد كانت عادتهم في الجاهلية أن يجلسوا حلقًا مجتمعين، قال شاعرهم:
تَرَانَا عِنْدَهُ وَالْلَّيْلُ دَاجٍ | عَلَى أَبْوابِهِ حِلَقًا عَزِينَا |
٣٩ - ﴿كَلَّا﴾ ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ؛ أي: اتركوا هذا الطمع، واقطعوا مثل هذا الكلام؛ أي: لا يدخلها.
والمعنى: أيطمع هؤلاء المشركون وهم نافرون من الرسول - ﷺ -، معرضون عن سماع الحق أن يدخلوا جنتي كما يدخلها المؤمنون المخبتون الذين يدعون ربهم خوفًا وطمعًا؟ كلا لا مطمع لهم في ذلك مع ما هم عليه.
ولعل (٢) وجه إيراد ﴿يُدْخَلَ﴾ مجهولًا من الإدخال دون يدخل معلومًا من الدخول مع أنه الظاهر في رد قولهم: ﴿لَنَدْخُلَنَّهَا﴾. إشعار بأنه لا يدخل من يدخل إلا بإدخال الله، وأمره للملائكة به، وبأنهم محرومون من شفاعة تكون سببًا للدخول، وبأن إسناد الدخول إخبارًا وإنشاءً، إنما يكون للمرضي عنهم، والمكرمين عند الله بإيمانهم وطاعتهم كقوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ﴾ وقوله: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾.
وفي تنكير (٣) ﴿جَنَّةَ﴾ إشعارًا بأنهم مردودون عن كل جنة، وإن كانت الجنان كثيرةً، وفي توصيفها بـ ﴿نَعِيمٍ﴾ إشعار بأن كل جنة مملوءة بالنعمة، وأن من طرد من
(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.