أحدها: أنه اسم مفرد بمعنى الصنم المنصوب للعبادة.
والثاني: أنه جمع نصاب ككتب وكتاب.
والثالث: أنه جمع نصب كرهن في رهن وسقف في سقف، وجمع الجمع: أنصاب. وأما الثالثة ففعل بمعنى مفعول؛ أي: منصوب كالقبض بمعنى المقبوض، والرابعة تخفيف من الثانية. ﴿يُوفِضُونَ﴾ من الإيفاض، وهو الإسراع.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾ وقوله: ﴿تَعْرُجُ﴾ و ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾.
ومنها: إيراد صيغة تدل على الماضي في قوله: ﴿وَاقِعٍ﴾ دون سيوقع، للدلالة على تحقق وقوعه إمّا في الدنيا كما في يوم بدر، وإمّا في الآخرة وهو عذاب النار.
ومنها: فن التمثيل والتشبيه في قوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)﴾، فهذا من التمثيل، فليس المراد حقيقة ذلك العدد، بل المراد الإشارة إلى أنه يبدو للكافر طويلًا لما يلقاه خلاله من الهول والشدائد، فلا تنافي مع آية السجدة ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾. والعرب تصف أيام الشدة بالطول، وأيام الفرح بالقصر. قال الشاعر:

فَقِصَارُهُنَ مَعَ الْهُمُومِ طَوِيلَةٌ وَطِوَالُهُنَّ مَعَ السُّرُوْرِ قِصَارُ
أو من باب التشبيه البليغ، والأصل كمقدار مدة خمسين ألف سنة.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥)﴾.
ومنها: ذكر الخاص بعد العام في قوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾، فالروح هو جبريل، أفرده بالذكر إظهارًا لشرفه وفضله.
ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨)﴾ لحذف وجه الشبه، ووجه الشبه فيه التلون، وكذلك قوله: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩)﴾، ووجه الشبه في هذا التطاير والتناثر. وقد رمق أبو العلاء هذه السماء العالية من البلاغة، إذ قال في رثاء أبيه:


الصفحة التالية
Icon