فللعجمة والعلمية. وقرأ الأشهبـ ﴿ولا يغوثا ويعوقا﴾ بتنوينهما. قال "صاحب اللوامح": جعلهما فعولًا فلذلك صرفهما، وكذلك الأعمش صرفهما. وقال ابن عطية: وذلك وهم، والأولى حمله على التناسب؛ أي: صرفا لمناسبة ما قبلهما وما بعدهما، كما قالوا في صرف سلاسلًا وأغلالًا وقوارير كما سيأتي.
وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صارت هذه الأوثان في العرب بعد. فكان: ود لكلب. وسواع لهذيل، ويغوث لغطيف بالجرف عند سبأ، ويعوق لهمدان، ونسر لحمير آل ذي الكلاع.
وهناك أصنام أخرى لأقوام آخرين (١): اللات لثقيف بالطائف، العزّى لسليم وغطفان وجشم، ومناة لخزاعة بقديد، وإساف لأهل مكة، ونائلة لهم أيضًا، وهبل لهم أيضًا، وهو أكبر الأصنام وأعظمها عندهم، ومن ثم كان يوضع فوق الكعبة. وليس المراد أن أعيان هذه الأصنام صارت إليهم بل المراد أنهم أخذوا هذه الأسماء، وسموا بها أصنامهم.
٢٤ - وجملة قوله: ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا﴾ حال (٢) من فاعل ﴿قالوا﴾؛ أي: قال الرؤساء للأتباع: لا تذرون آلهتكم، والحال أنهم قد أضلوا ﴿كَثِيرًا﴾ من الناس بدعوتهم إلى الشرك. وقيل: الضمير راجع إلى الأصنام؛ أي: قد أضل الأصنام كثيرًا من الناس؛ أي: ضل بسببها كثير من الناس، نظير قول إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾، وأجرى عليها ضمير جمع العقلاء لاعتقاد الكفار الذين يعبدونها أنها تعقل.
وقوله: ﴿وَلَا تَزِدِ﴾ يا ربّ ﴿الظَّالِمِينَ﴾ بالإشراك؛ لأن الشرك ظلم عظيم، فأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فهل شيء أسوأ من وضع أخس المخلوق وعبادته موضع الخالق وعبادته؛ ووضع الظاهر موضع المضمر تسجيلًا عليهم بالظلم. ﴿إِلَّا ضَلَالًا﴾ وبعدًا وطردًا من رحمتك، معطوف على ﴿رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾؛ أي: قال ربّ إنهم عصوني، وقال: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾. ومعنى ﴿إِلَّا ضَلَالًا﴾ أي: عذابًا، وقيل: إلا خسرانًا، وقيل: إلا فتنة بالمال والولد، وقيل:

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon