هو ربهما وخالقهما ومالكهما وما بينهما من كل شيء. قال في "كشف الأسرار": يريد به جنس المشارق والمغارب في الشتاء والصيف.
قرأ (١) حمزة، والكسائيّ، وأبو بكر، وابن عامر، ويعقوب بجر ﴿رَبُّ﴾ على النعت لـ ﴿رَبِّكَ﴾ أو البدل منه أو البيان له. وقرأ باقي السبعة برفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾. وقرأ زيد بن عليّ بالنصب على المدح. وقرأ الجمهور ﴿الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ بإفرادهما. وقرأ عبد الله وأصحابه وابن عباس بجمعهما. وقال الزمخشري: وعن ابن عباس على القسم يعني خفض ﴿رَبُّ﴾ بإضمار حرف القسم كقولك: الله لأفعلنّ، وجوابه: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾، كما تقول: والله لا أحد في الدار إلا زيدًا انتهى. ولعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس.
وقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ استئناف لبيان ربوبيته بنفي الألوهية عما سواه. والفاء: في قوله: ﴿فَاتَّخِذْهُ﴾ لمصالح دينك ودنياك ﴿وَكِيلًا﴾؛ أي: موكولًا ومفوّضًا إليه لإصلاحها وإتمامها، واسترح أنت. ﴿الفاء﴾: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنه المختص بالربوبية، وأردت بيان ما هو الأصلح لك فأقول لك: اتخذه وكيلًا؛ أي: قائمًا بأمورك، وعول عليه في جميعها. وقيل: كفيلًا بما وعدك من الجزاء والنصر.
١٠ - ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ يعني: قريشًا مما لا خير فيه من الخرافات والهذيانات في حق الله تعالى من الشريك والصاحبة والولد، وفي حقك من الساحر والشاعر والكاهن والمجنون، وفي حق القرآن من أنه أساطير الأوّلين، ونحو ذلك.
وقوله: ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ تأكيد للأمر بالصبر؛ أي: واتركهم تركًا حسنًا بأن تجانبهم بقلبك وهواك، وتداريهم ولا تكافئهم، وتكل أمورهم إلى ربهم، كما أعرب به ما بعد الآية. قال الحكماء: تسلح على الأعداء بحسن المداراة حتى تبصر فرصة. وقيل: الهجر الجميل الذي لا جزع فيه، وهذا كان قبل الأمر بالقتال.
١١ - ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ بك وبالقرآن؛ أي: دعني وإياهم، ولا تهتم بهم، فإنّي أكفيك أمرهم وأنتقم لك منهم. قيل: نزلت في المطعمين يوم بدر، وهم عشرة، وقد تقدم

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon