ذكرهم في سورة ﴿ن﴾. وقال يحيى بن سلام: هم بنو المغيرة، وقال سعيد بن جبير: أخبرت أنهم اثنا عشر.
وقال بعضهم (١): يجوز نصب ﴿المكذبين﴾ هو على المعيّة؛ أي: دعني معهم وهو الظاهر. ويجوز على العطف؛ أي: دعني على أمري مما تقتضيه الحكمة ودع المكذّبين بك وبالقرآن، وهو أوفق للصناعة؛ لأن النصب إنما يكون نصًا في الدلالة على المصاحبة؛ إذا كان الفعل لازمًا، وهنا الفعل متعد. ﴿أُولِي النَّعْمَةِ﴾ صفة لـ ﴿المكذبين﴾، وهم صناديد قريش؛ أي: أرباب الغنى والسعة والترفّه واللذة في الدنيا. ﴿وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا﴾؛ أي: تمهيلًا قليلًا على أنه صفة لمصدر محذوف أو زمانًا قليلًا على أنّه صفة لزمان محذوف. والمعنى: أمهلهم إلى انقضاء آجالهم، وقيل: إلى نزول عقوبة الدنيا بهم كيوم بدر. والأوّل أولى لقوله: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا﴾ وما بعده، فإنه وعيد لهم بعذاب الآخرة.
والمعنى: ودعني والمكذّبين المترفين أصحاب الأموال، فإنّي أكفيك أمرهم، وأجازيهم بما هم له أهل، وتمهل عليهم قليلًا حتى يبلغ الكتاب أجله، وسيذوقون العذاب الذي أعددته لهم. ونحو الآية: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)﴾.
والخلاصة: خل بيني وبينهم فسأجازيهم بما يستحقون. روي: أنها نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين، وقالت عائشة رضي الله عنها: لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسير حتى كانت وقعة بدر.
١٢ - ثم ذكر من ألوان العذاب التي أعدها لهم أمورًا أربعة:
١ - ﴿إِنَّ لَدَيْنَا﴾ في الآخرة وفيما هيّأناه للعصاة من آلات العذاب وأسبابه، وهو أولى من قول بعضهم: في علمنا وتقديرنا؛ لأنّ المقام مقام تهديد العصاة، فوجود آلات العذاب بالفعل أشد تاثيرًا على أن تلك الآلات صور الأعمال القبيحة. ولا شك أن معاصري النبي - ﷺ - من الكفار قد قدموا تلك الآلات بما فعلوا من السيئات ﴿أَنْكَالًا﴾؛ أي: قيودًا ثقالًا، يقيد بها أرجل المجرمين إهانة لهم وتعذيبا لا