خوفًا من فرارهم. جمع نكل بالكسر، وهو القيد الثقيل. والجملة تعليل (١) للأمر قبلها من حيث إنّ تعداد ما عنده من أسباب التعذيب الشديد في حكم بيان اقتداره على الانتقام منهم، فهم يتنعمون في الدنيا ولا يبالون، وعند الله العزيز المنتقم في الآخرة أمور مضادّة لتنعمهم.
٢ - ﴿وَجَحِيمًا﴾؛ أي: نارًا مؤجّجة مستعرة تشوي الوجوه، وقيل: كلّ نار عظيمة في مهواة. وفي "الكشاف": هي النار الشديدة الحر والاتقاد.
٣ - ١٣ ﴿وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ﴾؛ أي: لا يسوغ في الحلق بل ينشب فيه، فلا ينزل ولا يخرج. قال مجاهد: هو الزقّوم. وقال الزجاج: وهو الضريع. وفي "الروح": والغصّة هو كلّ ما ينشب في الحلق، ويعلق من عظم وغيره فلا ينساغ؛ أي: طعامًا غير سائغ يأخذ بالحلق، لا هو نازل ولا هو خارج كالضريع والزقّوم، وهما في الدنيا من النباتات والأشجار سمّان قاتلان للحيوان الذي يأكلهما مستكرهان عند الناس، فما ظنّك بضريع جهنم وزقومها. وهو في مقابلة الهنيء والمريء لأهل الجنة، وإنّما ابتلوا بهما لأنّهم أكلوا نعمة الله وكفروا بها.
٤ - ﴿وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾؛ أي: نوعًا آخر من العذاب مؤلمًا لا يقادر قدره، ولا يدرك كنهه. كما يدل عليه التنكير، كل ذلك معد لهم ومرصد، فالمراد بالعذاب سائر أنواع العذاب.
والمعنى (٢): أي إنّ لدينا لهؤلاء المكذّبين بآياتنا قيودًا ثقيلة توضع في أرجلهم، كما يفعل بالمجرمين في الدنيا إذلالًا لهم. قال الشعبيّ: أترون أن الله جعل الأنكال في أرجل أهل النار خشية أن يهربوا؟ لا والله ولكنّهم إذا أرادوا أن يرتفعوا استقلت بهم، ونارًا مستعرة تشوي الوجوه، وطعامًا لا يستساغ، فلا هو نازل في الحلق ولا هو خارج منه كالزقوم والضريح، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧)﴾، وقال: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤)﴾. ﴿وَعَذَابًا أَلِيمًا﴾ أي: ألوانًا أخرى من العذاب المؤلم الموضع الذي لا يعلم كنهه إلا علام الغيوب.
(٢) المراغي.