الحسن أو ابن سيرين كان المعنى: جالس أحدهما، فكذا إذا قلت في النهي: لا تكلم زيدًا أو عمرًا كان التقدير: لا تكلم أحدهما. والأحد عام لكل واحد منهما. فهو في المعنى لا تكلم واحدًا منهمًا. فمآل المعنى في الآية: ولا تطع كل واحد من مرتكب الإثم الداعي لك إليه، ومن الغالي في الكفر الداعي إليه. فـ ﴿أو﴾ للإباحة؛ أي: للدلالة على أنّهما سيّان في استحقاق العصيان؛ أي: عصيان المخاطب للداعي إليهما، والاستقلال به. والتقسيم إلى الإثم والكفور مع أنّ الداعين يجمعهم الكفر باعتبار ما يدعونه إليه من الإثم والكفر، لا باعتبار انقسامهم في أنفسهم إلى الإثم والكفور؛ لأنّهم كانوا كفرةً، والكفر أخبث أنواع الإثم، فلا معنى للقسمة بحسب نفس كفرهم وإثمهم. وذلك أنَّ ترتب النهي على الوصفين مشعر بعليتهما له، فلا بد أن يكون النهي عن الإطاعة في الإثم والكفر لا فيما ليس بإثم ولا كفر، والمراد بالإثم ما عدا الكفر، إذ العام إذا قوبل بالخاصّ... يراد به ما عدا ذلك الخاص. وخص الكفر بالذكر تنبيهًا على غاية خبثه من بين أنواع الإثم، فكلّ كفور آثم وليس كلّ آثم كفورا، ولا بعد أن يراد بالآثم من هو تابع، وبالكفور من هو متبوع.
٢٥ - ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً﴾؛ أي: أوَّل النهار، ﴿وَأَصِيلًا﴾؛ أي: عشيًّا، وهو آخر النهار؛ أي: وداوم على ذكره في جميع الأوقات، فالمراد بقوله: ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ الدوام؛ لأنّه - ﷺ - كان آتيًا بنفس الذكر المأمور به. وقيل المعنى: صلّ لربّك أوّل النهار وآخره، فأوّل النهار صلاة الصبح، وآخره صلاة العصر.
٢٦ - ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ﴾؛ أي: وفي بعض ساعات الليل ﴿فَاسْجُدْ لَهُ﴾؛ أي: فصلّ له من غير تعيين للصلاة. وقيل: صل المغرب والعشاء. وتقديم (١) الظرف للاهتمام لما في صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص وأفضل الأعمال أشقّها وأخلصها من الرياء، فاستحقت الاهتمام بشأنها، وقدم وقتها لذلك. ثم الفاء لإفادة معنى الشرط، كأنّه قال: مهما يكن من شيء فاسجد له. ففيها وكادة أخرى لأمرها.
﴿وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾؛ أي: صلّ له صلاة التهجّد، لأنّه كان واجبًا عليه في طائفة طويلة من الليل ثلثيه أو نصفه أو ثلثه. قال ابن زيد وغيره: إنّ هذه الآية