عليها صاعقة فاحترقت وصارت تشبه الليل البهيم في السواد. أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إيّاكم والمعصية، فإنَّ العبد ليذنب الذنب الواحد فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وإنّ العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقًا قد كان هيّء له، ثم تلا ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ﴾... الآية. قد حرموا خير جنتهم بذنبهم".
٢١ - ﴿فَتَنَادَوْا﴾؛ أي: نادى بعضهم بعضًا حال كونهم ﴿مُصْبِحِينَ﴾؛ أي: داخلين في الصباح
٢٢ - ﴿أَنِ اغْدُوا﴾؛ أي: (١) أنّ اغدوا وبكروا على أن ﴿أَنِ﴾ مفسرة؛ لأن في التنادي معنى القول، أو بأن اغدوا وبكّروا على أنّها مصدرية؛ أي: اخرجوا غدوة وأول النهار. ﴿عَلَى حَرْثِكُمْ﴾ وبستانكم وضيعتكم والمراد بالحرث: الثمار والزروع. يقول الفقير: فالحرث يجوز أن يراد به الحاصل مطلقًا، وأن يراد به الزرع خصوصًا؛ لأنه أعزُّ شيء يعيش به الإنسان. وتعدية الغدو بعلى لتضمنه معنى الإقبال والاستيلاء. وقال بعضهم: إنه يتعدى بعلى كما في "القاموس": غدا عليه غدوًّا وغدوة بالضم واغتدى: بكر. قال الراغب: الحرث: إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع، ويسمى المحروث: حرثًا. قال تعالى: ﴿أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ﴾ ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ﴾؛ أي: قاصدين للصرم وقطع الثمرة، وجمع المحصول. وجواب الشرط محذوف؛ أي: إن كنتم صارمين فاغدوا. وقيل: معنى ﴿صَارِمِينَ﴾ ماضين في العزم من قولهم: سيف صارم.
والمعنى (٢): فنادى بعضهم بعضًا عند طلوع الفجر؛ أي: هلموا واذهبوا إلى الثمار والزروع والأعناب فاصرموها؛ إن كنتم قاصدين للصرم، ولا تخبروا المساكين.
٢٣ - وقد أحكموا التدبير، وأخذوا الأمر جد الخفية حتى لا يستمع لهم أحد، كما قال: ﴿فَانْطَلَقُوا﴾؛ أي: فمضوا وذهبوا إلى جنتهم وحرثهم ﴿وَهُمْ﴾؛ أي: والحال أنهم ﴿يَتَخَافَتُونَ﴾ ويسرون الكلام بينهم؛ لئلا يعلم أحد بهم. وقيل (٣): المعنى: يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم فيقصدوهم كما كانوا يقصدون أباهم وقت الحصاد.
٢٤ - والأوّل أولى لقوله: ﴿أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا﴾؛ أي: الجنة ﴿الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ﴾ من
(٢) المراح.
(٣) الشوكاني.