مع الحاضرين في مجلسه انحصر في شيئين:
١ - ﴿أَمَّا﴾ للتفصيل ﴿مَنِ اسْتَغْنَى﴾ عن الإيمان، وعما عندك من العلوم والمعارف التي ينطوي عليها القرآن
٦ - ﴿فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)﴾ بحذف إحدى التائين تخفيفًا، أي: فأنت له تتصدى وتتهيأ له وتتعرض بالإقبال عليه والاهتمام بإرشاده واستصلاحه دون الأعمى، وفيه مزيد تنفير له - ﷺ - عن مصاحبتهم، فإن الإقبال على المدبر ليس من شيم الكرام، والتصدي للشيء التعرض له والتقيد به، والاهتمام بشأنه، وضده الشاغل عنه. وفي "المفردات": التصدي: أن يقابل الشيء مقابلة الصدى؛ أي: الصوت الراجع من الجبال، وفي "كشف الأسرار": التصدي: التعرض للشيء على حرص كتعرض الصديان للماء؛ أي: العطشان، وعن بعضهم: أصل تصدى تصدد من الصدد، وهو ما استقبلك وجاء قبالتك، فأبدل أحد الأمثال حرف علة.
والمعنى: أي أما من استغنى بماله وقوته عن الإيمان، وعما عندك من المعارف التي يشتمل عليها الكتاب المنزل عليك، فأنت تقبل عليه حرصًا على إسلامه، ومزيد الرغبة في إيمانه
٧ - ﴿وَمَا عَلَيْكَ﴾؛ أي: وليس عليك بأس ووزر ووبال في ﴿أَلَّا يَزَّكَّى﴾؛ أي: في أن لا يتزكى ذلك المستغني عن الإسلام حتى تهتم بأمره، وتعرض عمن أسلم، إن عليك إلا البلاغ، وكيف تحرص على إسلام من ليس له قابلية، وقد خلق على حب الدنيا، والعمى عن الآخرة، وفيه استهانة لمن أعرض عنه، وتحقير لأمره، وحض على الإعراض عنه، وترك الاهتمام به.
﴿فَمَا﴾ نافية، وكلمة في المقدرة متعلقة باسم ﴿ما﴾، وهو محذوف، والجملة حال من ضمير ﴿تَصَدَّى﴾ مقررة لجهة الإنكار، ويجوز أن تكون ﴿مَا﴾ استفهامية؛ أي: أي شيء عليك في أن لا يسلم ولا يهتدي، فإنه ليس عليك إلا البلاع.
وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والأعرج وعيسى والأعمش وجمهور السبعة: ﴿تَصَدَّى﴾ بتخفيف الصاد، وأصله: تتصدى، فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا، وقرأ
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٤) البحر المحيط.