فوعلت، والمفاعلة تكون بين الإثنين. اهـ من "البحر".
٨ - ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ﴾؛ أي: البنت المدفونة حية، يقال: وأد بنته يئدها وأدًا، وهي مؤودة إذا دفنها في القبر وهي حية، وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق أو الاسترقاق أو لحوق العار بهم من أجلهن، وكانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به، فهو أحق بهم، فقد كان الوأد يتم في صورة بشعة قاسية تقشعر لهولها الأبدان، وتذوب لها القلوب حسرات. قال في "الكشاف" (١): فقد كان الرجل الجاهلي، إذا ولدت له بنت، فأراد أن يستحييها، ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية؛ أي: بلغت من العمر ست سنوات.. قال لأمها: طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئرًا في الصحراء، فيأخذها من أمها المسكينة الحزينة، فيذهب بها حتى يبلغ بها البئر، هذا الوالد القاسي الذي هو الوحش الكاسر بعينه، فيقول لها وهو واقف على حافة البئر: انظري فيها، فتنظر الفريسة المسكينة فيها، فيدفعها من خلفها، ويسقطها في البئر، ثم يهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض، فيالله. ما أعظم هذه القسوة، وما أبشع هذه الجريمة، وما أغلظ هذه القلوب التي قدت من صخر، إذ تقتل البريئات، وتسفك دم الطفلات الطاهرات بغير جرم سوى خوف الفقر أو خوف العار، ويروى أنه كانت المرأة في الجاهلية إذا قرب أوان وضعها حفرت الحفرة، فتمخضت على رأس الحفرة، فإذا ولدت بنتًا رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابنًا حبسته وأبقته إليها، وكانت هذه حال العرب قبل الإِسلام، حتى جاءهم الله تعالى بهذا الدين العظيم، فلما خالطت بشاشة قلوبهم غيرتها إلى قلوب رحيمة رقيقة كريمة جياشة بالرأفة والحنان، فمحا الإِسلام عنهم وصمة هذا العار وهذا الخزي، فما أعظم نعمة الإِسلام على الإنسانية بأسرها؛ لمحوه هذه العادة القبيحة منهم، وغيرها من سيء العادات.
﴿سُئِلَتْ﴾؛ أي: سألها الله سبحانه وتعالى بنفسه إظهارًا للعدل، أو بأمره للملك
٩ - ﴿بِأَيِّ ذَنْبٍ﴾ من الذنوب الموجبة للقتل عقلًا ونقلًا ﴿قُتِلَتْ﴾؛ أي: قتلها أبوها حيةً فعلًا أو رضي، وتوجيه السؤال إليها لتسليتها، وإظهار كمال الغيظ والسخط