لوائدها، وإسقاطه عن درجة الخطاب، والمبالغة في تبكيته، كما في قوله تعالى: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ﴾، ولذا لم يسأل الوائد عن موجب قتله لها.
وجه التبكيت: أن المجني عليه إذا سئل بمحضر من الجاني، ونسب إليه الجناية دون الجاني.. كان ذلك بعثًا للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه، فيعثر على براءة ساحة صاحبه، وعلى أنه هو المستحق لكل نكالٍ فيفحم، وهذا النوع من الاستدراج واقع على سبيل التعريض، وهو أبلغ، فلذلك اختير على التصريح، وإنما قال: ﴿قُتِلَتْ﴾ على الغيبة لما أن الكلام إخبار عنها، لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت، فيقال: قتلت على الخطاب، وعلى قراءة: ﴿سألت﴾: أي: الله، أو قاتلها، لا حكاية لكلامها حين سألت فيقال: قتلت على الحكاية عن نفسها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سئل عن أطفال المشركين، فقال: لا يعذبون، احتج بهذه الآية، فإنه ثبت بها أن التعذيب لا يستحق إلا بالذنب، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن الوائدة والموؤودة في النار؛ أي: إذا كانت الموؤودة بالغةً.
وقرأ الجمهور: ﴿الْمَوْءُودَةُ﴾ بهمزة بين الواوين اسم مفعول. وقرأ البزي في رواية: ﴿الموؤدة﴾ بهمزة مضمومة على الواو، فاحتمل أن يكون الأصل: الموؤودة، كقراءة الجمهور، ثم نقل حركة الهمزة إلى الواو بعد حذف الهمزة، ثم همز الواو المنقول إليها الحركة، واحتمل أن يكون اسم مفعول من آد، فالأصل: مأوودة، فحذفت إحدى الواوين علي الخلاف الذي فيه المحذوف واو المد، أو الواو التي هي عين الكلمة نحو: مقوول؛ حيث قالوا فيه: مقول. وقرىء ﴿الموودة﴾ بضم الواو الأولى، وتسهيل الهمزة، أعني: التسهيل بالحذف ونقل حركتها إلى الواو، وقرأ الأعمش: المودة بسكون الواو على وزن الفعلة كالمودة، وكذا وقف حمزة بن مجاهد، ونقل الفراء: أن حمزة يقف عليها، كالموودة؛ لأجل الخط؛ لأنها رسمت كذلك، والرسم سنة متبعة.
وقرأ الجمهور (١): ﴿سُئِلَتْ﴾ مبنيًا للمفعول، ﴿بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)﴾ كذلك بتخفيف التاء، وبتاء التأنيث فيهما. وقرأ الحسن والأعرج: ﴿سيلت﴾ بكسر السين

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon